بَدَشت، واقعة

250

بَدَشت، واقعة، أوّل وأهمّ تجمع لرؤساء النحلة البابيّة في العام 1264هـ، في بَدَشت. فبعد اعتقال السيّد عليمحمّد الباب* وسجنه في قلعة تشَهْريق في ماكو (اعتضاد السلطنة، ص20)، ذهب الملاّ حسين الـبُشروئيّ، الملقّب بباب الباب، أوّل مريديه، للاجتماع به، فأمره أن يعود إلى مازندران من طريق خراسان، وأنْ يبادر إلى نشر مبادىء البابيّة (الخورموجـيّ، ص56). كتب الـبُشروئـيّ رسالةً بعثها إلى الحاج محمّد علي البارفروشيّ، أحد أتباع الباب الأوائل، يدعوه فيها إلى مشهد لمساعدته في نشر المبادىء البابيّة (سبهر، مج3، ص238). تزامن نشرهما للدعوة في مشهد وفتنةَ محمّد حسن خان سالار* (المتوفّى سنة 1266هـ) في خراسان. حين اطّلع الأمير حمزة ميرزا (ابن عباس ميرزا وشقيق محمّد شاه)، الذي كان معسكِرًا في سهل رادكان، بهدف القضاء على سالار، على نشاط الـبَشروئيّ، أمر باعتقاله وإرساله إلى المعسكر الحكوميّ (هدايت، ج10، ص421–422). بعد اعتقال الـبُشروئيّ، غادرَ محمّد علي البافروشيّ مشهدَ أيضًا برفقة أنصاره (أمانت، ص324–325). من ناحية أخرى قامت قرّة العين، ابنة الحاج الملاّ صالح البرغانـيّ*، التي كانت قبل ذلك ببضع سنوات قد اعتنقت مذهب الشيخيَّة*، ومن ثمّ تحوّلت إلى البابيّة (نوائي، ص168–169) بمكاتبة عليمحمّد الباب تطلب الإذن بالدعوة لإخراجه من السجن، فوافق على ذلك (النقبائـيّ، ص88)؛ إنّما بعد مقتل عمّها ووالد زوجها، الملاّ محمّد التقيّ البرغانيّ*، بأيدي بضعة أشخاص من أنصار الباب، اعتُقلت وسُجنت (محبوبي الأردكانـيّ، ص625). في هذه الأثناء فرّت من السجن بمساعدة الميرزا حسينعلي النوريّ، وفرّت بصحبة النوريّ ومجموعة من البابيّين إلى خراسان (زرندي، ص273–278). وفي بَدَشت التقت هذه المجموعة بمحمّد علي البارفروشيّ وأنصاره العائدين من خراسان، فانضمّوا إلى بعضهم، ويبدو أنّ الأهداف المشتركة وعلى رأسها تحرير الباب من السجن، كانت عاملاً أساسيًّا في اجتماع أنصار الباب ومحبّيه (أمانت، م.ن، ص.ن). استمرّ هذا الاجتماع الذي شارك فيه 81 شخصًا كانوا في معظمهم من بابيّي خراسان ومازندران وقزوين، مدّة ثلاثة أسابيع (زرندي، ص285). وقد ذكر نبيل زرندي (م.ن، ص.ن) أنّ ميرزا حسينعلي النوريّ، استأجر ثلاث حدائق متجاورة واحدة لسكن قرّة العين*، والثانية لحاجي محمّد علي بارفروشي والثالثة له، وكان لذلك التأثيرُ الأكبر في انعقاد مثل هذا الاجتماع، الذي لُقّب فيه زعماء البابيّة بألقاب جديدة. فلُقّب ميرزا حسينعلي النوريّ ببهاء الله، وقرّة العين بطاهرة، ومحمّد علي بارفروشي بقُدّوس، لكنّ المشاركين في اجتماع بَدَشت لم يعرفوا من هو الذي منحهم هذه الألقاب (م.ن، ص285–287). كان الهدف الرئيسيّ والعلنيّ من وراء هذا الاجتماع تحرير الباب من السجن (أمانت، ص325). في الحوارات الخاصّة في اجتماعات بَدَشت، تطرّق الكلام على نَسخِ الشريعةِ الإسلاميّة، لكنّ خلافًا حول هذا الأمر دبّ في أوساط زعماء البابيّين (آواره، ص129). فقرّة العين التي كانت قبل ذلك ناشطة في مباحثات البابيّين في العتبات، كانت قائدة بدعة نسخ الشريعة الإسلاميّة (أمانت، م.ن، ص.ن). أقدمت في أثناء إلقائها خطابها، بنزع الحجاب عن وجهها، وأعلنت رسميًّا ظهور الشريعة الجديدة. أثار عملها هذا غضب عددٍ من البابيّين، وغادروا بَدَشت. وصلت الحيرة ببعض المجتمعين إلى القيام بردود أفعال سلبيّة، فعلى سبيل المثال قطع عبد الخالق الإصفهانـيّ أحد مريدي الباب رقبته اعتراضًا (زرندي، ص288). كذلك كان يبدو على محمّد علي البارفروشيّ الاضطراب الشديد، علمًا أنّه توقّف عن الاعتراض بعد توسّط النوريّ، وأيّد رأي قرّة العين. الموقف الأكثر أهميّة كان موقف الـبُشروئيّ، الذي كان أول من افتتح المطالبة بإخراج الباب من السجن، وكان قد فرّ من المعسكر الحكوميّ، للانضمام إلى البابيّين المجتمعين، حين سمع أخبار اجتماع بَدَشت، ومبادرات زعماء هذا الاجتماع وتصريحاتهم، أعلن بوضوح، أنّه لو كان هناك، لكان أقام الحدّ على البَدَشتـيّين (ميرزا جاني الكاشانـيّ، ص155)، كذلك حين علم أهالي قرية بَدَشت بنتيجة اجتماع البابيّين، هاجموهم ليلاً، وأمطروهم بوابل من الحجارة، ونهبوا أموالهم وأمتعتهم، وفرّقوهم (ميرزا جاني الكاشانـيّ، ص4، 153). من ناحية أخرى، إنّ أخبار بَدَشت، كما يقول الحاج ميرزا جاني الكاشانـيّ (ص154)، بعضُها صحيح وبعضها غير صحيح، أشيعت في مازندران وضواحيها. هذه الحادثة أسفرت عن حادثة 15 شعبان 1264هـ، حين وصل البَدَشتيّون [البهائيّون الذين اجتمعوا في بَدَشت]، إلى مشارف قرية نيالا، رأى الناس منظرًا غير متوقّع: جلوس طاهرة وقدوس في عَرَبَة واحدة يقرآن الشعر معًا بصوت عالٍ، فثاروا وهجموا على الموكب (أمانت، ص328). على هذا النحو تفرّق البَدَشتيّون، وهرب الزعماء البابيّون؛ فرّ قدوس إلى بارفروش، وقرّة العين والميرزا حسينعلي النوريّ ذهبا إلى نور (م.ن، ص.ن) حادثة بَدَشت، التي تعرّف إلى حدٍّ ما بآراء القادّة البابيّين وأهدافهم، كانت شديدة التأثير في انصراف المحبين للباب وكثير من المعتنقين لمذهبه، عنه، وكذلك في ما أقدمت عليه الحكومة بالنسبة إلى البابيّين. المصادر والمراجع: عبد الحسين آواره، الكواكب الدريّة في مآثر البهائية، مصر 1342هـ/1923م؛ عليقلي اعتضاد السلطنة، فتنه باب، توضيحات ومقالات بقلم عبد الحسين النوائيّ، طهران 1351ش [1972م]؛ محمّد جعفر بن محمّد علي الخورموجيّ، حقايق الأخبار ناصري، ط. حسين خديو جم، طهران 1363ش [1984م]؛ محمّد نبيل زرندي، تلخيص تاريخ نبيل زرندي، ترجمة وتلخيص إشراق خاوري، طهران 1324ش [1945م]؛ محمّد تقي سبهر، ناسخ التواريخ، ط. محمّد باقر البهبودى، طهران 1358ش [1979م]؛ حسين محبوبي الأردكانـيّ، تعليقات حسين محبوبى الأردكانـيّ على المآثر والآثار، في چهل سال تاريخايران [أربعين عامًا من تاريخ إيران]، ط. إيرج أفشار، ج2، طهران 1368ش [1989م]؛ ميرزا جاني الكاشانـيّ، نقطة الكاف، ط. براون، ليدن [لاتا.]؛ حسام النقبائـيّ، طاهرة (قرّة العين)، طهران [لاتا.]؛ عبد الحسين النوائـيّ “قرة العين”، في اعتضاد السلطنة، فتنه باب، توضيحات ومقالات بقلم عبد الحسين النوائـيّ، روضة الصفاء ناصري، في ميرخواند، تاريخ روضة الصفا، ج 8–10، طهران 1339ش [1960م]؛ Abbas Amānat, Resurrection and renewal: the making of the Babi movement in Iran, 1844–1850, Ithaca 1989. / فهيمي مهين

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق

eight + 17 =