السید مقداد النبوي الرضوي
مدخل
في الرسالة التي اُرسلت من المحفل الروحاني الوطني للبهائية في ايران في الثامن والعشرين من فروردين ۱۳۵۱ الى لجنة الدراسة والبحوث تمت الاشارة الى اكتشاف (نسختين من الكتب والاوامر المتعلقة بفترة حكم ناصرالدين شاه) والتي تم ارسالها الى اللجنة لدراستها، واما الوثيقة الاولى فإنها تضم أمرا من الملك ناصر الدين شاه القاجاري للتحقيق مع السيد جمال الدين البروجردي – وهو من اشهر دعاة البهائية المُبرزين. وقد اورد الملك ناصر الدين شاه ملاحظات حول السيد علي الباب والميرزا حسين علي بهاء الله وما علِمهُ من بُطلان مزاعمهما وفيها يأمر بأن يطلع السيد جمال الدين البروجردي عليها و يُرسل اليه إجاباته. ويمثل التدقيق في ما كتبه. أمرا جديرا بالملاحظة لرؤيته حول الباب وبهاء الله وحول البابية والبهائية.واما الوثيقة الثانية، فهي رسالة من السيد صادق المجتهد الطباطبائي (عالم الدين الكبير في طهران) الى الملك ناصر الدين شاه والتي اشار فيها الى اسلام الشخص الذي إتُهم بالبابية والذي كان قد اودع السجن وكان قد ناشده فيها اصدار امر بالافراج عنه، وقد وافق ناصر الدين شاه على تلك المناشدة وأصدر أمره بالافراج عنه وكتب ذلك الأمر على هامش الرسالة. وقد جاء في مطلع هذه المقالة تعريفا مجملا عن ناصرالدین شاه القاجاري، والسيد جمالالدین البروجردي والسیّد صادق الطباطبائي وتوجهاتهم حول البهائیة وقد ضمنها نص و صورة للوثقيتين .
الملك ناصرالدین شاه القاجاري
الملك ناصرالدین شاه القاجاري (۱۳۱۳ ـ ۱۲۴۷ هجري قمري) رابع ملوك الاُسرة القاجارية الذي حكم ايران قرابة الخمسين عاما. وينبغي القول أنه طيلة الفترة التي كان فيها ملكا على ايران قد تزامنت مع نشاطات البابية والبهائية وقد تزامن جلوسه على العرش في عام ۱۲۶۴ هجري قمري مع (العام الذي زعم فيه نسخ الاسلام من قبل السيد علي محمد الباب) وقد واجه هذا الملك خلالها حركات التمرد الكبرى التي قام بها اتباع الباب، وقد أصدرناصر الدين في النهاية أمرا بقتل الباب وكان يشعر بالرضا طيلة حياته لذلك الأمر الذي أصدره(۱)وكان له دور كبير أيضا في نفي زعماء البابية والبهائية من أمثال المیرزا یحیی المعروف ب صبح الأزل والمیرزا حسین علي بهاء الله وإبعادهم الى مناطق خارج ایران.
وقد نعت بهاء الله في ألواحه ناصرالدین شاه ب «رئیسالظالمین»(۲) وأنه «في غاية العداوة والبغضاء» (۳) وأما البهائیة أيضاـ فهم وبالرغم من أنهم كانوا ينعتونه أحيانا بصاحب الجلالة(۴) ـ لكنهم في واقع الامر كانوا يبغضونه. وعلى سبيل المثال، السیّد مهدی الگلپایگاني ـ وهو من رؤوس البهائیين ـ كان ينعت الملك ناصر الدين شاه قبل نحو عشرين عاما من مقتله باعتباره من «الد اعداء ذلك الامر الأعظم»(۵) وبالرغم من كل ذلك، ينبغي أن نعرف أن الملك ناصرالدین شاه ما كان يفكر دوما بقتل البهائيين او ممارسة الضغط عليهم. وعلى سبيل المثال، فانه عندما افرج في العام 1291 هجري قمري عن السيد جمالالدین البروجردي (الداعية البهائي الشهير) اشترط عليه فقط للخروج من السجن عدم البقاء في طهران وفي المقابل وهبه مبلغ خمسين تومانا ليُنفقها على نفسه وقدم له فرسا لسفره(۶) وكذلك في عام 1308 هجري قمري عندما بلغه مقتل سبعة من البهائیين في یزد، (تكدر خاطره المبارك)(۷)
السيد آقا جمالالدین البروجردي
كان السيد آقا جمالالدین البروجردي أحد أقطاب البهائیين في عهد حیاة المیرزا حسین علي بهاءالله. انضم في البداية الى البابیين واصبح فيما بعد بهائي (۸) وأخذ يدعو الى الديانة البهائية و «كان يناقش کبار العلماء ويمارس الدعوة للبهائية وقد حصلت بفضل وجوده رغبة جامحة بين جمع الاحباب.» ولقد كان جادا في نشاطاته لدرجة أنه عقد في عام 1291 هجري قمري، مجلسا لمناقشة علماء طهران المجتهدين. وكان نتيجة ذلك المجلس ان رُفعت عليه شكوى الى الملك ناصرالدین شاه وتبع ذلك القاء السيد آقا جمالالدین في السجن. وفي السجن كتب عریضة الى الملك ناصرالدین شاه وطلب فيه إنصافه. وعندها عقد الملك ناصرالدینشاه من جديد مجلسا ودعا اليه بعضا من علماء الدین في طهران لمحاورته. ولم يُفض ذلك المجلس عن نتیجة أيضا فدخل السيد آقا جمال الدين السجن مجددا (۹). وقد كتب ناظم الاسلام الکرماني حول إحدى تلك المناقشات مع علماء طهران قائلا «انتهت تلك المناقشة في ذلك المجلس من دون جدوى ؛ و بهت الذي کفر!»(۱۰) وبالرغم من كل ذلك، وبعد أن دخل السيد آقا جمال الدین السجن، كتب عريضة مجددا الى الملك ناصرالدین شاه يطلب فيها إما انزال عقوبة الاعدام بحقه او الإفراج عنه وانقاذه من السجن. وعندها وهبه الملك ناصرالدین شاه مبلغا من المال وحکم بالافراج عنه شرط أن لا يبقى بعدها في طهران.(۱۱)
وبلغ السيد آقا جمالالدین البروجردي شيئا فشيئا مقاما رفيعا بين البهائیين وقد عرف في طهران بأنه «اصبح مثالا للعزة والقدرة والرئاسة في موضوع الدیانة … وأصبح مصدرا لعلماء هذه الجماعة وفي تلك الایام كان قد تصدر تلك المهمة، حتى كان الجميع يُهرعون الى حضور مجلسه و كان البعض لا يقدر على الوصول اليه لكثرة الناس وازدحامهم حوله وكان الكثير من الخواص والعوام في هذه الطائفة يبدون خالص الارادة اليه.»(۱۲) وبالرغم من كل ذلك، وبعد وفاة بهاءالله، التحق شيئا فشيئا بالبهائیين المخالفين لعباس افندي عبدالبهاء الذي نعته في نهاية الأمر باسم «الضبع العجوز» وقد اشتهر بهذا النعت بين البهائیين(۱۳) وأخيرا وافته المنية في طهران في عام 1325 هجري قمري. (۱۴)
سیّد صادق الطباطبائي
سیّد صادق الطباطبائي من مواليد عام (1300 هجري قمري) كان من كبار العلماء المجتهدين في زمانه. حظي باهتمام كبير من قبل الملك ناصرالدین شاه وقد رافق الملك في زيارته للعراق عام (1287 هجري قمري) (۱۵) وكان ينجز الاستخارات التي يطلبها الملك منه. (۱۶) وعندما وافته المنية، قام المیرزا یوسف خان مستوفي الممالک (رئيس الوزراء في حينها) ببناء صحن وقبة لمرقده في مدينة ري.(۱۷)كانت للطباطبائي في آخر عام من حياته سجالات مع البهائیين وقد دخل السجن جمع البهائيين وعدد من البارزين منهم نتيجة تلك السجالات .(۱۸)وفي تلك الفترة وافاه الاجل ولهذا السبب كتب بهاءالله عنه ونعته «… بالخبیث الکاذب ـ المعروف بالصادق وانه لهذا السبب ول ضوضاء جهله ـ لم يمهله الموت فرجع الى مستقره ….» (۱۹) وقد أصبح نجله، السیّد محمّد الطباطبائي، فيما بعد من الزعماء الاصليين لثورة الدستور في ايران.
نص الوثيقة الاولى : التحقيق مع السيد آقا جمال الدین البروجردي
علاء الدوله!
غدا يكون يوم الجمعة، هات في منزلك السيد آقا جمال البروجردي وعدة افراد آخرين من البابيين الذين قبض عليهم امین السلطان ؛ أفرغوا الغرفة ولا يدخلها أحد غير امین السلطان وهو والبابيين ! وأجبر الحاج آقا محمّد المجتهد نجل المرحوم السيد آقا محمود للمجيء، لكي يتباحث مع هؤلاء ويناقشهم ويطرح عليهم أسئلتنا هذه. إقرأوها عليهم وخذوا منهم الإجابات ! و اكتبوا أجوبتهم وأسئلتنا كلا على حدة وهات بها الينا لكي نطلع عليها. إني أرى من اللازم أن يكون لدينا مجلسا لنتكلم معهم وأعرف ماهي حقيقة ما يقوله هؤلاء وما يرومون؟
(نص الإسئلة):
بناء على اقراره الذي اعترف به هو بنفسه ويقولون عنه، إنك تلتزم بالديانة البابية؛ صحیح هذا أم لا ؟ ثم ماهي الديانة البابية ومن هو الذي ابتدعها؟ تحدث عنها بوضوح ودون خوف!
وكما هو معروف في الظاهر، فإن مبتدع هذا الدين هو السیّد علي محمّد الشیرازی الذي جائوا به الينا في تبریز وعُقد من أجله مجلسا من العلماء وقد عُقد ذلك المجلس بحضورنا نحن واتضح في نهاية الامر إنه لا يحمل شيئا في جعبته غير الجنون والسفاهة. وقد جرى حبس ذلك الشاب الشیرازي نجل التاجر والذي كان مصيره القتل أخيرا. فهل ترى فيه أقصد السیّد علي محمّد نبيا أم إماما أم تظنه هو صاحب الامر؟ بأية صفة عرفته أنت؟
فلو كنت تعتبره نبيا وترى إنه يحمل قرآنا جديدا نازلا عليه من السماء، وكما أسلفتُ وقُلت لكم في المجلس الذي انعقد في تبريز سألته ماهي معجزته، فقال: «القرآن» وأخذ يقرأ ويُقر أمامنا قائلاً: «أنا نبي ومعجزتي هي القرآن» وكم كان قرآنه الذي قرأه علينا عديم المعنى . كم كانت تلك الكلمات عديمة المعنى. قال الله في القرآن ان محمّدا ـ صلوات الله علیه و آله ـ هو خاتمالنبیین في قوله تعالى (ما کانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِکُمْ وَ لکِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ وَ کانَ اللَّهُ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیماً) وكذلكقَالَ النَّبِی صَلَّی اللهُ عَلَیهِ وآله لِعَلي بن ابيطالب عليه السلام «أَنْتَ مِنِّی بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَی إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِی بَعْدِی ». فمن إعتقد بغير ذلك، فهو کافر و مرتد و نجس ومهدور الدم ويجب قتله ؛ إذن السیّد علي محمّد لا يمكنه أن يكون نبيا والله تبارك وتعالى يقول: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ». ثم ان السیّد علي محمّد الشیرازي إذا جاء بقرآن فعليه أن يكون باللغة الفارسية ؛ لماذا يبتدع قرآنا باللغة العربية؟ وإذا كان قرآنه باللغة العربية، فينبغي أن ينزل قرآنه بين العرب في نفس مکة والمدینة ويقيم دعوته هناك؛ ولماذا يقيم دعوته ب(قرآنه) هذا في شیراز و ایران التي يتكلم أهلها جميعا بالفارسية و الترکية والکردية واللورية لماذا يأتي ويوجه دعوته هنا؟
واذا لم يكن نبيا وكان اماما كما تزعمون، وترونه إماما فإن الأئمة وفقا للاخبار والاحادیث ليسوا سوى ۱۲ ولا أكثر من ذلك. ولو كان السیّد علي محمّد الشیرازی إماما، لأصبح العدد ۱۳. ولو زعمتم أن السیّد علي محمّد هونفسه قائم آل محمّد وهو المهدي صاحبُ الزمان ـ علیه السلام ـ وقد ظهر، فأي صاحب زمان هذا الذي يُضرب بالعصا ويُحبس ويصاب بالرصاص أخيرا ويموت وتأكل الكلاب جُثته؟! وفي الواقع انه لا أحد يقبل بهكذا صاحب الامر وإنني لا أدري لماذا أنتم مطايا الى هذا القدر وعديمي الإحساس لترونه يحمل هذه المراتب؟
ولو كان مُبديء ومُنتهی وأصلُ وأساس هذا الدين المُختلق والمُبتدع والضال والمُضل هو السیّد علي محمّد والذي هو أسوأ من الشيطان ومن إبليس بألف سبب، إذن ما بال وكلاؤه ـ کالمیرزا حسین علي نوري و غیره، وماذا يمكن ان يسمع من كلام واقوال وأفعال هؤلاء في دین سیّد المرسلین ؟ ينبغي معرفة أصل وأساس كلامه في الدین والعقيدة والمذهب ينبغي أن يُفهم ماهيته ومصدره؟
لماذا تتعبون أنفسكم بلا طائل و تتحملون مرارات هذه الدنیا وعذاب الدار الآخرة، ولماذا فرضتم على أنفسكم خداع الناس وضلالتهم مثلما فعل الشیطان علیه اللعنة؟ فالدین الصحیح هو الذي أمر به الله والرسول، أليس من العیب أن تتيهوا في هذه السُبل، وتُسببوا الضلالة لأنفسكم ولجمع من الناس؟
نص الوثيقة الثانية : وساطة السیّد صادق الطباطبائي
(صورة عریضة السیّد نصرالله العلام):
فداء لتراب قدمك المباركة التي هي الجواهربعينها ! مُفديك المضحي بحياته من اجلك اُسندت له قبل شهر تهمة البابیة.
فهرست العرض والمناشدة من السیّد نصرالله العلام
عرضتُ لخدمة السيد المتشرع، مجتهد العصر، السيد آقا السیّد صادق، برائتي من هذه الطائفة الضالة المُضلة … الفاقدة للمعرفة، وقد حققت وأبلغت الثبوت الشرعي بكوني متمسكا بشرعة الاسلام ومؤمنا بالمذهب الاثنیعشري وقد صدر لي حکما شرعيا من السيد المعظٌم ؛ وبالرغم من كل ذلك، فإني مازلت محبوسا. أنشدُ مراحمكم الملکية المعظمة تصديق المُفدي نفسه لكم ان تفرجوا عني لكي أتفرغ للدعاء لدوام دولتكم الرفيعة. والأمرٌ الأعلی مُطاع.
(وساطة السیّد صادق المجتهد الطباطبائي في هامش الجهة اليمنى):
بسم الله تعالی. الى شرف العرض الأعلی حضرة الملك الأقدس ـ أدام الله ظله العالي علی رؤوس الأدانی والأعالي ـ نحيطكم علما، بأنه اتضح لهذا الداعي لكم، حالة هذا السیّد نصرالله من بعد التحقیق التام و شهادة الشهود الکثیرين. براءته من هذه التهمة والاتهام، فهو مُسلم ومؤمن بالمذهب الاثنيعشري وانه لا علاقة له بالعقيدة الفاسدة لهذه الطائفة الخبیثة الضالة المضلة ـ خذلهم الله و لعنهم ـ وهو بمعزل عن اي تبعية وارتباط بهذه الطائفة الملعونة. وبما ان حفظ النفس المحترمة للمسلم والمؤمن الاثنيعشري لازمة خاصة وإنه من ذریة النبي ـ صلی الله علیه و آله ـ وبما أن هذا السیّد ليس من هؤلاء الکفار والمرتدین عن الإسلام، لذلك تجرأتُ بعرض موضوعه على جلالتكم ……. والأمر أمرُکم العالي. و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته.
(رأي الدائرة الحکومية):
هذه العریضة سوف تحظى بنظر الأنور الملكي ـ ارواحنا فداه ـ. وبالوجه الذي كتبه جناب السيد المُتشرع، السيد آقا سیّد صادق، كما كتبه هكذا، يجب الافراج عنه ب إمضاء نظر الأنور الملكي .
(أمرالملك ناصرالدین شاه):
علاء الدوله! اخرجوا السیّد نصرالله العلام من المستودع! واحفظوا هذا الكتاب
۱-اسد الله فاضل مازندراني-تاريخ ظهورالحق ج۶-ص۲۷
۲-اسد الله فاضل مازندراني –اسرار الآثار الخصوصی ج۲ص۳۵
۱۶-فريدون آدميت – أنديشه ترقي وحكومت قانون عصر سپه سالار(فكرالتقدم وحكومة- -القانون في عصر القائد الأعلى)