رسالة خالويه أو ايقان ( القسم الأول)

أكبر كتاب معتبر للبهائيين واختلافات نسخه وطبعاته و..

مجلة جوهر الشهرية ، السنة الخامسة ، العدد 11 و12 كانون الثاني وشباط 1977، الرقم المتسلسل 59و 60 : 831 – 822

يوجد في مكتبة مجلس الشورى الإيراني نسخة صغيرة وجميلة من كتاب ايقان لمؤلفه ميرزا حسين علي بهاء نوري الذي كتبه له زين العابدين نجف آبادي المشهور بزين المقربين وهو الكاتب الخاص لميرزا حسين علي ، وكان قد كتب هذا الأثر سنة 1294قمري في مدينة الموصل، وقد غُلف هذا الكتاب بغلاف اسطنبولي قد أُعد له خصيصاً.

ونجد في حواشي أربع صفحات من هذه النسخة توقيع شخص ما مستخدماً الرمز A= ع، كان هذا الشخص قد كتب مطلباً ما للشيخ البهائي بعد نقله من كتاب الفتوحات المكية، ويمكن أن يكون هذا الشخص من أصحاب بهاء الذي قد أضاف هذا المطلب إلى حاشية تلك النسخة. وكان المرحوم محسن خان أميني قد أهدى هذه النسخة من الكتاب لمكتبة مجلس الشورى ، ويحتمل أن يكون قد ورث هذا الكتاب من مكتبة أبيه.

وهذه النسخة من الكتاب لها تجليدٌ فني اسطنبولي عالي الجودة ، ومن الممكن أن يكون محسن خان معين الملك سفير إيران في اسطنبول قد حصل على نسخة من هذا الكتاب – آنذاك- أثناء تواجده في الدولة العثمانية ، ومن ثم أرسل هذه النسخة إلى صديقه الوحيد ميرزا علي خان أمين الدولة في طهران.

إنّ مؤلف كتاب ايقان كان قد استثنى معين الملك سفير إيران في اسطنبول من أصدقائه الآخرين الذين وصفهم بالمتشددين ، وقد أطرى في مدحه و أبرز محاسنه ، ولا يستبعد أن تكون هذه النسخة من الكتاب قد كُتبت بخط الكاتب الشخصي لبهاء و أرسلت خصيصاً إلى معين الملك.

وكانت قد كُتبت عدة نسخ من كتاب ايقان قبل هذا التاريخ ( الشعار 1و2) وبعد هذا التاريخ، ونحن نبحث عن هذه النسخ المكتوبة داخل إيران وخارجها، أمّا أهمية نسخة مكتبة مجلس الشورى فإنها تأتي من أنّ الكاتب الخاص لآثار بهاء قد صرح في نهاية الكتاب أنّ هذه هي النسخة الخامسة والثلاثين من الكتاب التي كان هو قد كتبها جميعاً.

بالإضافة إلى ذلك، نرى أنّ فاضل المازندراني ينقل في الصفحة 278 من المجلد الأول لكتاب الأسرار ما كتبه ميرزا آقاجان الخادم حيال جواب بهاء لأحد الأشخاص في الحصول على موافقة لإهداء نسخة من كتاب ايقان لشخص أوروبي ، جاء فيها: ” هذا ما كُتب حيال الشخص الأجنبي من أوروبا، قال :

” إنّ أمثال تلك النفوس إذا ما حصلت على ما تريد وأرسلت إلى ولاياتها، لا ضير في ذلك ، ولكن إذا أظهروا ما في داخل نفوسهم في تلك الأرض فسيكون سبباً للفساد ، ويجب أن يكون كل ما يُعطى لهم صحيحاً. بعض نسخ كتاب ايقان موجودة في هذه الأرض (عكا) ، لكنها لم تحصل على تأييد الجميع ، ولكن إذا ما أُرسل كتاب للغصن الأكبر إلى زين المقربين فهذا شيء حسن ولكن بعد التأكد منها. ”

إنّ موضوع اعتماد فاضل على ما كتبه ميرزا آقاجان الخادم يظهر تأييده للنسخة المكتوبة . كما أن حصول ميرزا محمد علي الغصن الأكبر على موافقة والده لتصحيح وقراءة النسخة كان قد أرسلها إلى زين المقربين كاتب والده الخاص. لاشك في أنّ هذه النسخة هي الوحيدة التي يمكن الاستناد عليها ، لأن الكاتب الخاص لبهاء قد جعلنا نسلّم أنها الأفضل ألا وهي النسخة الخامسة والثلاثين من الكتاب والموجودة في مكتبة مجلس الشورى الإيراني.

إنّ وجود كاتب هذه النسخة في مدينة الموصل  أثناء كتابة هذه الرسالة يؤكد هذا الشرح الذي كتبه في خاتمة النسخة من كتابات بهاء في هذه المدينة – الموصل – وفي نفس التاريخ المذكور، وهذه النسخة في متناول السيد مصطفوي وهو من كبار فضلاء هذا العصر، ويدل على أن زين المقربين قد أقام في مدينة الموصل قبل شهرين من كتابة نسخة كتاب ايقان الموجود في مكتبة مجلس الشورى ، وهي من مجموعة ما كتبه بهاء وآثاره.

في سنة 1308 قمري يعني قبل وفاة ميرزا حسين علي بسنة ، كان ميرزا حسين علي قد أرسل ابنه ميرزا محمد علي الغصن الأكبر و ميرزا آقاجان الخادم من مدينة عكا إلى مدينة بومباي حتى يشرفا على طباعة آثاره هناك ، لأنه لم يكن بالإمكان طباعتها في الدولة العثمانية. قام كلٌ من ميرزا محمد علي الغصن الأكبر و ميرزا آقاجان بطباعة أول نسخة من كتاب الأقدس وكتاب ايقان قبل موت بهاء وعودته إلى عكا.

في نهاية الطبعة الأولى من كتاب ايقان لم تُثبت عليه تاريخ الكتابة واسم المطبعة التي طبعته، ولكن كلا طبعتي الكتابين كانتا معروفتين عند العلماء والباحثين بالطبعة الأولى. إن مقايسة نص الطبعة الأولى من كتاب ايقان التي تحتوي صفحاتها الأولى والأخيرة شعارات (3و4) مع نسخة خط زين المقربين التي تضم الشعارات (5 و6) ومقارنتهما مع بعضهما تشيران أنّ كلا النسختين متطابقتين وأنهما حصلتا على موافقة كاتبهما لنشرهما وطباعتهما.

يوصي ميرزا محمد علي في الرسالة التي أرسلها لجمال بروجردي ( الذي لقبه ميرزا محمد علي الغصن الأكبر بالضبع  فيما بعد ) وهو ما استند عليه فاضل المازندراني في كتابه أسرار الآثار ،بمايلي: ” من أجل حفظ كتاب الله لابدّ من الجد الكثير والكبير ، سواء فيما جدده الامام في القراءة، أو فيما يقوم به العباد ويجب أن يتطابقا مع بعضهما البعض ، وإنّ كتاب ايقان هو كتاب صحيح وقد حظي بعناية فائقة من ميرزا حسين علي بهاء. ويجب أن تتطابق النسخة الموجودة مع كتابه الذي كتبه أو أن يكتبوا على هذه النسخة هذا ما تم تجديده من النسخة وهو أولى وأفضل في هذا المجال.” 

لذلك فإنّ جميع نسخ كتاب ايقان التي قد كتبت من تاريخ 1280 قمري وبعد، فإنها تحتاج جميعها إلى تصحيح ومقارنة مع ايقان الملاّ علي أكبر أو إعادة كتابة من جديد. ما الأمر الذي أدى إلى إثارة مثل هذه الأفكار ؟ إنّ الوضع الذي أدى إلى إثارة هذه الحوافز والأفكار لتصحيح النسخة هي أن ميرزا آقا جان الخادم أُُجبر للحضور لتصحيحها ومقارنتها مع نسخ ايقان الموجودة، ومع نسخة غصن الأكبر التي أعطاها لزين المقربين، وكانت قد أرسل رسالة مترددة أوصى فيها السيد جمال بروجردي في إيران بأن يقوم بمقارنة جميع النسخ المكتوبة لايقان مع نسخة الملاّ علي أكبر وتصحيحها طبقاً لها. وإنّ رسالة ميرزا حسين علي المعروفة ب “لوح الشيخ” كانت قد طبعت في القاهرة سنة 1322 قمري باسم ” كتاب الشيخ” وقد تحدث فيها حيال كتاب ايقان قائلاً:

” كما ذُكر من قبل فإنّ كتاب ايقان وبعض من ألواح الشيخ قد نُسبت إلى أشخاص آخرين . وهؤلاء كانوا عاجزين عن إدراك ذلك، حتى يصل ما يتم توضيحه.” كما أنه وضمن هذا الموضوع وبدون مناسبة، فإنّ ميرزا حيدر علي يخاطب المُبلّغ الأصفهاني ويقول:

” كُتب عن أرض أصفهان أن المتوهمين البابين في تلك الأرض كانوا يدعون الناس إلى كتاب ايقان و الأزلية وهذا شأن العباد”

يمكن أن نستنبط ونستنتج من هذه العبارة أنّ كلا العبارتين ” مصدر أمر ” و ” كلمة مستور” وسيلة للتبليغ عن كتاب ايقان في أصفهان، وكان قد أعطي للأزليين حتى يستفيدوا منه ويعود النفع لميرزا يحيى، الشقيق الأصغر لبهاء الذي كان يعيد تلك العبارات وينسبها إليه، وهذا الأمر أدى إلى قناعة واعتراض  شقيقه الأكبر في الخطاب الذي أرسله إلى ميرزا حيدر علي.

إنّ مراجعة سريعة لما تم مطالعته  سابقاً، نفهم أنّ نص كتاب ايقان منذ كتابة كتاب الأقدس وبعد، كان دائماً موضع قلق وعدم رضا كاتب الكتاب ، وهذا الشك كان له أثره لدى المقربين والخواص منه أيضاً.

لأنهم ربما كان يعتقدون أنّ فيه أخطاء املائية وإنشائية وتهاون في ضبط آيات القرآن الكريم والأخبار المنقولة فيه، وهذا الأمر كان سبباً في مثل هذا القلق أو التفكير البعيد حيال النسخة الموجودة. أمّا  احساس القلق هذا ، فمن الممكن ألا يرتبط بهذا التصور ، بل يمكن أن يكون بسبب بعض العبارات والكلمات التي تم الاشارة إلى واحدة أو اثنتين منها من حيث التغيير الذي أصابها وأخفيت بسبب الحوادث الماضية لبغداد وطهران ومازندران.

من أجل توضيح أكثر لهذا المعنى وكي تعم الفائدة للقراء حيال هذه المقالة، لابدّ من تمهيد ومقدمة حول كيفية تدوين كتاب ايقان عن طريق ميرزا حسين علي.

بعد المؤامرة التي أحيكت على ناصر الدين الشاه للقضاء عليه من قبل البابية الذين تجمعوا في طهران، إلا أنها باءت بالفشل ، وانتهى الأمر إلى قتل الشيخ علي العظيم الخراساني رئيس البابية مع مجموعة من المفكرين والأصدقاء، أما ميرزا حسين علي بهاء فقد استطاع أن يبرئ نفسه من هذه المؤامرة بمساعدة الصدر الأعظم نوري وسكرتير السفارة الروسية الذي كان زوجاً لأخته، ومن ثم انتقل ميرزا حسين علي إلى الدولة العثمانية ومنها إلى رحل إلى بغداد.

” إن جلسات التحقيق لم تثبت ذلك إلا أنهم ألقوا القبض علينا وأخذونا من نياوران حاسري الرؤوس ومشياً على الأقدام إلى سجن طهران. وأمضيت الأيام والليالي في السجن المذكور، وأنا أفكر بأعمال و أفعال وتحركات الحزب البابي… هل حدث شيء ما حتى يقوم هؤلاء بهذا العمل الواضح والعلني؟ يعني هل امتلك هذا الحزب الجرأة كي يقوم بهذا العمل تجاه حضرة الشاه، وبعد ذلك فإنّ هذا المظلوم قد خرج من السجن بكامل الهمة والجد  لتهذيب النفوس ، وقد خرج المظلوم من السجن بناء على أمر من الشاه – حرسه الله- بوساطة خادم الدولة العلية لإيران والدولة البهية لروسيا ، ومن ثم توجه إلى العراق ، وبعد أن وصل العراق بدأ بنصيحة الحزب بالحكمة والموعظة والابتعاد عن الفساد والنزاع والجدال ومحاربته. ”

وبعد وصوله إلى تلك المدينة ، فإن أخاه ميرزا يحيى، الذي أصبح رئيساً للبابية بعد المذبحة العظيمة التي لحقت بهم ، فقد جاء إلى بغداد مع مجموعة من البابية للقائه.

وبعد تلك المذبحة العظيمة زالت الخلافات بين مدعي البابية في طهران، وتم تجديدها في بغداد ، وكل واحد من هؤلاء المشردين قد انتابه الحزن والأسى، وإن الدعوة الجديدة للظهور من جديد هي فرصة مواتية ومتاحة لهم.

مع وجود كل هذا، فأنّ بهاء لم يستطع أن يحقق ما نوى عليه في السجن في إرشاد وتهذيب الحزب من المفاسد الأخلاقية ، لذلك  كان يشكك فيه أعضاء البابية الذين سافروا معه أيضاً. ومن أجل التخلص من هذه الورطة التي وقع فيها قرر الذهاب إلى كردستان واتخذ هناك اسماً جديداً له باسم الدرويش محمد ، كما أنه التحق بدراويش الطريقة النقشبندية السليمانية الذين كانوا من عارفي أهل السنة غرب إيران.

وبعد سنتين من هذا الأمر لم تتلق عائلة بهاء أي خبر عنه ، فجأة، كان عدد أفراد عائلته من النساء والأولاد والأخوة من أكبر المهاجرين من بغداد، ثم علموا من شخص ما عن وجوده في حدود كردستان، لذلك أرسلوا أحداً ما للبحث عنه. وكان ميرزا يحيى قد استلم نيابة عنه بناء على وصيته وكتب له رسالة يدعوه للعودة إلى بغداد.

حينما عاد ميرزا إلى بغداد ، تولى إدارة أمور مهاجري البابية ، أما ميرزا يحيى فقد توارى عن الأنظار ، وعمل على تقليد أئمة الاسماعيلية كما كانت عادتهم في بداية القرن الثاني والثالث الهجري متخذاً اسم حضرة الأزل ، هذا كله لإبعاد الخطر المحتمل لللحاق به، وقد شرع برعاية أمور الأصدقاء والمسافرين تحت اسم بهاء.

مع وجود هذا، فقد تعرضوا أيضاً إلى حوادث قتل مؤلمة وقطع للرؤوس ورمي الجثث في النهر. لندعْ قصة السفر إلى بغداد ولنستمع  للسان بهاء نفسه ولما كتبه في كتاب الشيخ:

” في أيام حضرة السلطان – أيده الله ربه الرحمن- قررت الذهاب إلى أصفهان، ثم حصلت على إذن الذهاب إلى البقاع المقدسة المنورة لزيارة الأئمة- صلوات الله عليهم- وبعد العودة من الزيارة وبسبب الحر الشديد في دار الخلافة ذهبت إلى لواسان. وبعد أن علم السلطان – أيده الله تبارك وتعالى- بالمؤامرة التي كانت تحاك ضده لقتله، اشتعلت نار الغضب في دار الخلافة وأُلقي القبض على مجموعة من البابية ، وكان المظلوم من بينهم ، ولعمر الله لم أكن مع هؤلاء المخططين لقتل الشاه أبداً، وبشكل تدريجي صار مشرداً ولاجئاً بين المهاجرين الإيرانيين و اتخذ وسائل عدة للاهتمام بهم ورعايتهم.”         

وضمن ذلك وبناء على مقررات الاستسلام والحكومة القنصلية الايرانية في بغداد ، فقد تخلى الجميع عن الجنسية الإيرانية وحصلوا على الجنسية العثمانية. ومن البديهي أنّ هذا التغيير السياسي قد أتاح لهؤلاء حرية الكلام والسلوك وأن تظهر هذه الحرية في سياق تعبيراتهم وكتاباتهم حيال كبار علماء الشيعة وموظفي الدولة الإيرانية وإنّ تاريخ البابية القديم( المعروف بتاريخ حاجي ميزا جاني) وكتاب ايقان اللذين كانا متزامنين في الكتابة والتأليف، يظهران هذه الجرأة البيانية في عبارات وسياقات كلا الكتابين. وإنّ الروايات المنقولة والمُفَسرة والمُبيَنة في كتاب ايقان تؤكد أنّ السيد محمد تاجر الشيرازي – الخال الأكبر لعلي محمد باب – كان ثابتاً على العقيدة المذهبية لآبائه ، وبناء على ادعاء علي محمد – ابن أخته- فلم تكن له أي عقيدة تذكر، وفي تلك الأثناء ذهب إلى الدولة العثمانية لزيارة أخته التي اختارت العيش هناك، وبالتالي ذهب إلى العراق، وبناء على القرار المنقول فقد التقى في بغداد مع المهاجرين وهناك- أيضاً- استلم زمام الأمور وتدابيرها.

وإنّ نتيجة لقاء خالو مع بهاء، قد وجدت أرضية مناسبة من أجل تدوين رسالة تثبت حقّ البابية ، وقد سُميت هذه الرسالة برسالة خالويه ، وقد اشتملت هذه الرسالة على بابين شملا جوانب مختلفة لادعاءات الباب. وغير معروف هل أُعطيت نسخة من رسالة خالويه في نفس اليوم إلى محمد الشيرازي أو أنها قد أُرسلت إليه بعد أن تمت كتابتها ؟.

وبناء على هذا، غير معروف هل استطاعت هذه الرسالة أن تُغيّر من عقيدة وايمان السيد محمد -الخال الأكبر ل “باب”- وتترك أثرها فيه بناء على ادعاءات ابن اخته . وإنّ ميرزا حسن فسائي في رسالة فارس الناصري قد ذكر بعد عشرين سنة من هذا اللقاء أنّ السيد محمد – المذكور أعلاه- وولداه كانوا من التجار الكبار المتدينين في ذلك المكان ، وبعد عدة سنوات من تدوين كتاب ايقان، دفن السيد محمد في حرم شاهجراغ في شيراز بناء على وصيته التي أوصى بها حتى يثبت حقيقته ووضعه لدى المسلمين.

كانت قد أثبتت رسالة خالويه غاية البابية و ادعاءاتها وأحقيتها ، وبعد سنة 1280 قمري وظهور الخلاف بين أولاد ميرزا نوري الكبير حيال تولي منصب الرئاسة على الحزب البابي ، فليس من المستغرب أن يكون اسم رسالة خالويه قد تغير إلى كتاب ايقان بناء على التغيرات والتحولات التي حدثت في أدرنة، وهذا الاسم أكثر مناسبة لها.

تمت كتابة الكتاب وتقسيمه إلى بابين وكل باب يبدأ بعبارات عربية كجملة” الباب المذكور في بيان أجن…” وفي نهاية  هذا الكلام يبدأ بجمل ” جوهر هذا الباب أنه ….” أو ” لطائف وجواهر هذا الباب هو …” وهذا ما يتشابه مع أسلوب افتتاح الرسائل الفارسية وكما يبدو أنّ هذه الرسالة في الحقيقة، ما هو إلا تقليد للأسلوب الإنشائي الفارسي المنسوب إلى البابية ، الذي كان يريد كاتبه إثبات حق “باب” في الادعاءات المنسوبة إليه . وأثناء الكتابة والتمرين كان عمله تكميلاً للبيان الفارسي. وقبل أن تغيب هذه الفكرة عن ذهن الكاتب في هذه السطور، نجد أنّ شوقي أفندي في كتابه تاريخ البابية باللغة الانجليزية يكتب حول هذا التوضيح ما مفاده:

” ومن الأثار التي كتبها بهاء الله كتاب ايقان، وهو من أكبر وأقدم تلك الآثار الذي كان قد كتبه في السنوات الأخيرة خلال يومين بلياليهما من إقامته في بغداد  ، ومن خلال كتابته له أراد أن يحقق وعد باب حول الموعود المنتظر الذي سيكمل البيان عنه.

كما يبدو للمطلعين فإنّ البيان المنسوب ل “باب” وكما هو معهود ،يجب أن يشتمل على تسعة عشر وحدة وعلى ثلاثمئة وواحد وستين باباً، لم يستطع أن يكمله، وبقيت النسختين العربية والفارسية ناقصتين دون إكمالهما. والعجيب أن كلاً من أزل وبهاء لم يفيا بوعدهما في إكمال النص العربي والفارسي ، لكنّ أزل ترك عدة وحدات من البيان العربي دون إتمام وكذلك بهاء ترك بابين من ايقان الفارسي دون أن يكملهما.

إنّ تأليف رسالة خالويه كانت قبل سنتين من ترك بهاء لبغداد ، وذلك من أجل اسكات أفواه أصحاب اللسان الصليت والمعارضين، حيث أنهم لم يكونوا يرون أن تعاون ميرزا حسين علي مع أخيه الصغير ومعاونه يشمل أي إخلاص و حميمية في العمل، وهذا اعتراف شفهي فقط، لأن في جميع الكتاب لا يمكن أن نرى سوى حسن الاعتقاد والاخلاص للسيد “باب” .

يبدو أن كتابة مثل هذا الأثر بعد توضيحات بهاء سنة 1275 قمري وإزالة اللبس عنه بين معارضيه والمتفوهين عنه، لم يكن ليخلو من وجود مؤيدين له أو أن يلق آذاناً صاغية. كما يجب أن تنذكر أنّ سنة 1278 قمري قد صادفت أنّ ميرزا حسين علي بهاء ومن أجل توضيح حقيقة أمره، وفي سنة 1275 فإنّ البابية قد لاحقوا كلاً من بهاء وأزل بعد أن تنبهوا إلى ما يقوم به وكذلك فإنّ محمد رضاي أصفهاني مخملباف ، الذي كان يقيم في بغداد ، قد صوّر وضع المذكورين في أواخر كتاب ” تاريخ البابية القديم” سنة 1277قمري.  لذلك، فإنّ تأليف ” رسالة خالويه” ولأي سبب كان، فإنّ المؤلف أراد أن يقوي حجته ولكي يجذب اطمئنان  البابية الذين أساؤوا الظن به ويترك أثراً حسناً فيهم. كان قد كتب في كتب التاريخ مطلب حيال إظهار أمر بهاء في سنتي 1269 و1280، ولكن في سنة 1275 قمري قد تمت الإشارة إليه أقل مما سبق ، ذلك لأن محمد علي فيضي تغاضى عن ذكر حياة بهاء في ورقة أعماله وبالتالي لم يشر إليه.

أمّا ميرزا آقا جان الخادم فقد كتب في رسالة مفصلة عن ذلك ، وربما كان قد كتبها أثناء سجن بهاء وأزل في أدرنة أو في أوائل السفر إلى عكا ضد أزل، ومما كتبه :

” في السنة التاسعة من ظهور جمال مبارك و عندما ارتفع صوت المعارضين و أثاروا الضجة والفوضى أظهر أمره، فخمدوا. وفي السنة الخامسة عشرة أيضاً أظهر أمره فخمدوا، وبعد السنة العشرين قال : إذا كانت السنة الثمانين ولم يخمدوا فهذا يعني أنهم أعلنوا – يوماً بعد يوم- عن مطلبهم وغايتهم. ”

إنّ إظهار هذا الأمر في السنة الخامسة عشرة لم يجد أي إشارة خاصة من جانب ميرزا حيال آثار بهاء وباب ، وإنّ كتاب ايقان هو الكتاب الوحيد، وبعد ثلاث سنوات من هذا الأمر، الذي قد أشار إليه أثناء موضوع البحث مع السيد محمد الشيرازي من أجل إثبات حق “باب” ، ذلك لأنه وجد الأرضية مناسبة للحديث عنه. فقد أشار إلى هذا الموضوع في آخر الباب الأول من كتاب ايقان  بشكل مختصر وفي أواخر الباب الثاني من الكتاب ذاته وبشكل مفصل، ومن الكلام الذي ذكره :

”  أطلب من فقهاء وعلماء البيان ألا يدخلوا في بحث الجوهر الإلهي والنور الرباني والحرف الأزلي ومبدأ وانتهاء المظاهر الغيبية في زمن المستغاث ،ومن مثله ما تم الدخول به في بحث القبر. ولو شوهد أحد ما ضعيف البصيرة من رؤساء القوم ومع جميع هذه الوصايا يهب للمعارضة وإثارة الفوضى… لذلك أتمنى من أهل البيان أن يربوه وأن يدلوه كيف يميز الحق عن غيره وأن يُعرّفوه كيف يتم تلبيس الباطل وإخفاء الحق. ولو ظهرت في هذه الأيام رائحة الحسد ، فإنّ مثل هذا الجمع لا يرون حقيقة الإنصاف ، بل يرفعون رايات النفاق وتراهم يتفقون على هذه العبد ويقفون ضده…. مع هذا كله لم أفتخر بعملي ولم أر أفضلية في نفسي… فتراني فقيراً مع الفقراء ومع العلماء تراني أرفع القبعة لهم… مع هذا كله ماذا عليّ أن أبدي وأعلن؟ هذا العبد وبعد الدخول إلى أرض بغداد قد اطلع على الأمور التي حدثت، وقد اخترت الهجرة وفارقت الصحاري.. ثم انشغلت بنفسي وتركت الآخرين وشأنهم، وأقسم بالله أنّ هجرتي هذه لم تكن من محض تفكيري ولم يكن قصدي من ورائها أن يسود الخلاف بين الأحباب وألا أثور عليهم ، وغير ما ذكر لم يكن من محض الخيال ومخططاً له.

ولو أنّ كل نفس أطلقت العنان لها والتفكير على هواها، حتى يصدر حكم الرجوع عن ذلك ، عندئذ لابد من التسليم للقرار والرجوع عن هوى النفس. والكتابة عاجزة عن ذكر ما تم بعد الرجوع وملاحظة ذلك. ومرت سنتان وأعداء هذا العبد الفاني لم يتوصلوا إلى غايتهم على الرغم من نشاطهم وعملهم، والجميع على اطلاع وعلم بهذا الأمر. مع ذلك كله لم تُنصر نفسي… لكنّ هذا العبد حاضر بروحه وبكامل الرضا ليفدي بها أحبابه مستعيناً بالعناية الإلهية وفضله، والروح أحملها على كفي وجاهزة للخدمة… ولو لم يكن هذا خيالاً ….. فإنني لن أبق في هذا البلد لحظة واحدة.”   

إنّ ميرزا حسين علي في رسالة خالويه لم يكن قد أظهر هذا الأمر الذي يؤدي إلى إثارة حدة المعترضين وغضبهم، لكنّ ميرزا آقا جان الخادم ، فيما بعد، قد أظهر هذا الأمر سنة 1275 وقال أنهم خمدوا مرة ثانية. كما أنه قد صرّح بهذا الأمر سنة 1269 حينما وصلوا إلى بغداد وخمدوا بعد أن أثاروا الفوضى والضوضاء. وبعد هذا الوضع الغير مناسب يشرح بهاء الله هذا الأمر في هاتين الصفحتين من كتاب ايقان، وكان لابد أنْ يُتوقع نتائج لا يحمد عقباها من الطرف الآخر سنة 1275قمري.