سؤال
عرف واحدة من الأنواع الإثنا عشر لترك التعصبات الدينية
الجواب الأول
یدعي البهائیون أنهم بريئون من أي نوع من أنواع التعصب و أن هذه التعصبات هادمة للکیان الانساني و إنها السبب وراء جمیع مشاکل البشریة و کمثال في هذا الاطار دققوا في ما یقوله السيد عبدالبهاء ((إن بهاء الله أنجانا من أي تعصب و إن -هذه – التعصبات هدمت العالم . إن أساس كل عداوة و نزاع و كل کدر و إبتلاء يقع في هذا العالم إما أنه ناتج من تعصب دیني أو تعصب وطني أو تعصب جنسي أو سیاسي و إن التعصب مذموم و مضّر أياً کان نوعه و متی ما ابتعد التعصب عن الکون عندها ستجد البشریة طريق النجاة و نحن نثابر من أجل الوصول الی هذا الهدف )) (کتاب رسالة الملکوت لمؤلفه إشراق خاوري ، الصفحة 99 )
طبعاً لا نستطیع بمجرد الکلام قبول هذا الإدعاء من البهائیين الأعزاء. بل یجب أن نبحث بشكل دقيق لتتضح لنا صحة هذا الادعاء
سأسعى فی الوقت الحاضر لأن نلقي نظرة مختصرة على مفهومين لهذا الادعاء (( ترﻚ جمیع التعصبات ))
الوجه الأول البحث في هذا التعلیم في کتب البهائیة و الوجه الثاني البحث التطبیقي لهذا التعلیم بین البهائیين
الوجه الأول : بما أن بهاء الله إدعی ذم أي نوع من التعصب وبما أن معنى هذه التعصبات مختلف فيما بينها وجب عليّ من وجهة نظري المتواضعة التدقيق بکل واحدة علی حدة . ترﻚ التعصبات الدینیة كان أول و أهم ما تکلم عنه بهاء الله و عبدالبهاء. في الحقيقة ما هو رأي هؤلاء السادة من ترك التعصبات الدينية فمعناها غیر واضح بشكل جيد الا أنه يمكن بالاستناد على النصوص التی سیأتي ذکرها استخلاص فكرتين قصداهما
التأویل الأول و هو قريب من تقصي الحقائق إلى حد ما ، حيث يجب على كل شخص أن يتقبل الحقيقة اذا ما اتضحت له و أن لا یصر علی رأیه الباطل وأن لا یتعصب لعقائده . و من الواضح أن تحقق هذا الأمر یتطلب أجواء مناسبة ليتمكن الناس بآراءهم المختلفة و حتى أفكارهم المتعارضة ایضاً من طرح عقائدهم ونقلها إلى البهائيين الأعزاء وبعد أن يتم قیاس ما طرح في عدة موازین عليهم أن یأخذوا بالرأی الحق و الصواب و أن یثبتوا من خلاله ،عدم تعصبهم لعقائدهم السابقة و قد طرح عبدالبهاء هذا الموضوع بهذا الشکل :
(( علی سبیل المثال هناﻚ خمسة أشخاص و كل واحد منهم یدعي أنه الأعلم بين الجميع لذا یجب اختبارهم فکیف یمکننا تبیان الحقیقة اذا لم نترك التعصب ؟المجوسي یدعی أن الحق معه و کذا الیهودي و النصراني و البوذی فکیف يمكن للحق أن یتجلی؟ لذا یجب علی أتباع موسی أن یترکوا التعصب و کذا للنصراني و البوذی و لن تتجلی الحقیقة اذا لم يتحقق هذا الأمر . العلم غایة الشخص العاقل الکامل الطالب للعلم ولا فرق لقائله .لا یتوجب علینا التعصب بل یجب أن نحب ضیاء الحقیقة سواء سطع من أتباع موسی أو محمد أو عیسی .. فالحقيقة غایة الانسانیة ویتوجب على كل خص الإصغاء لها . و هذا هو موضوع تقصي الحقیقة . و ما هي نتیجة هذا البحث ؟ نتیجته أن جمیع الناس بمختلف أطیافهم عليهم أن یترکو ما يسمعوه جانباً . و أن لا یتمسکوا بأي ملة و أن لا ینفروا من أخری . لعل الملة التي ينفرون منها علی حق و الملة التي تمسكوا بها علی باطل . فعندما يتم الترك لهم أن لا یتمسکوا بملة و أن لا ینفروا من أخری في تلک الحالة يمكن تقصي الحقائق (کتاب رسالة الملکوت ، الصفحة 18 )
إن تحقق ترﻚ التعصب الدیني وفق ما أشارالیه عبد البهاء یحتاج الی عدة شروط مسبقة. الأول أن تتمكن من جمع مختلف العقائد في مکان واحد و تستمع لكلام الجميع و من لم یقبل الحضور فی هذا الجمع أو يرفض الاستماع الی الآراء المختلفة لا یحق له أن یدعی أنه لیس متعصباً دينياً . و الثاني أن لا يکون عنده أي إحساس بالنفور أو التعلق أو التصور المسبق لسائر العقائد الأخرى في هذا الجمع .و بعبارة أخری أن يقابل العقائد الأخرى بذهن صاف لذلك قطعاً لا یستطیع من کانت لدیه نظرة سيئة عن العقائد الأخری أن يدعي عدم تعصبه الدیني . فبعد توضيح هذين الشرطين یجب وضع مقیاساً دقیقاً لقیاس الحق من الباطل و اختيار الحق من خلاله و إظهار أنه لا یوجد تعصب للعقائد الدینیة السابقة بل انها قائمة علی الحقیقة. حسن حتى الآن لقد قلنا كل ما یجب أن یقال لکن هل تملك البهائیة كل هذا حقاً ؟مع الأسف وفق نصوصهم الصریحة لا یحق للبهائیين الأعزاء حتى أن یتواجدوا في جمع تتنوع فیه العقائد فما بالک أن يسمح لهم بالاستماع إلی أقاویل غيرهم .کمثال إذا الارثوذوکسیة دعت البهائیة الی اجتماع لتتضح الحقائق الی الجمیع و یتبع بعدها الحق بعد التبیین و ترﻚ التعصبیات الدینیة البهائیة لا یستطیعون تلبیة الدعوة لأنها محرمة علیهم .قال السيد بهاء الله بکل صراحة ((یجب الابتعاد عن منافسینا في جمیع الأمور و لا تجاز مجالسنهم و مؤانستهم فوالله أن الأنفس الخبیثة تحرق الطیبة کما تحرق النار الحطب الیابس و کما يذيب الحر الثلج (المائدة السماویة ج8 ، ص39) فلا یحق للبهائیون أن یجالسو الأرثوذوکس حتى و لو للحظة واحدة فما بالک إن كانوا يريدون الاستماع لعقيدتهم و أن یتبعوها إن کانت على حق. نظرا لهذا الموضوع فإن ادعاء عدم التعصب الدیني من قبل البهائیة بکل تأکید مضحك بحد ذاته
ما یثیر الدهشة هو حین تعلم أنه لا یجوز للبهائیين أن یستمعوا حتى لمن یقول الحق أيضاً .و حذر السيد بهاء الله البهائیين بشكل صريح من سماع قول الحق من أعداء الله حین قال «اياك ان لا تجتمع مع اعداء الله في مقعد ولا تسمع منه شيئاً و لو يتلي عليك من آيات الله العزيز الكريم.» (مجموعة الالواح المبارکة طبعة مصر، ص 360 و 361) من لا یريد أن یستمع الی کلام الحق من أعدائه کیف له أن یدعي عدم التعصب الدیني ؟ تذكروا الجمل في الأعلى و التي نقلتها لكم مما تقدم من کلام بهاء الله حیث قال ((العلم غایة الشخص العاقل الکامل الطالب للحق لا فرق لقائله .لا یتوجب علینا التعصب بل یجب أن نحب ضیاء الحقیقة سواء سطع من أتباع موسی أو محمد أو عیسی .. فالحق غایة الانسانیة یتوجب سماعه من أي کان .)) و هنا یظل المرء محتارا أي القولین یقبل ، هل یقبل کلام الأب حین یقول لا تستمع الی کلام أعداء الله حتی إذا کان حق أو کلام الابن حین قال استمع لقول الحق أیا کان قائله
تتسع دائرة الأشخاص ممن لا يملك البهائيون حتى حق الإستماع إلى عقائدهم الی اعظم من هذا . يتضح حجم هذه الدائرة إذا ما وضعنا النصین الواردين أدناه جنباً إلى جنب . «ثم اعلم بان الله حرم علي احباء الله لقاء المشركين و المنافقين» (المائدة السماویة ، ج4، ص 280) و «لعمرالله حزب الشيعه من المشركين من القلم الأعلي مذکور و مسطور فی الصحیفة الحمراء.» (المائدة السماویة ، ج4، ص140 و 141) في النص الأول صدر تحریم زیارة المشرکین و المنافقین للبهائیين من قبل الله و في النص الثاني تم تحدید الشیعة ووصفهم کمشرکین بالنسبة للبهائية . لذلك فإن صراحة النصین تمنع التفسیر و التأویل فهي تحرم على البهائیة اللقاء بالشیعة فضلا عن الاستماع لعقائدهم أو الأخذ بها إن کانت على حق .من ینحاز لحکم و یعتقد بصورة مسبقة أنه علی الحق و غیره علی باطل بکل تأکید لا یستطیع أن یدعی ترﻚ التعصب الدیني
الأمر الاخر إذا ارتکب أحد البهائیين هذا الجرم و جالس الشیعة و الأرثوذوکس ليستمع الی عقائدهم ویحکم بعدها فهل لا يحمل في داخله أي نفور منهم ؟ عندما ينعت البهائیون الشیعة و الارثوذوکس بالأنفس الخبیثة و الأریاح العقیمة و الفراعنة و البهائم و الجذامي و أولاد الزنا فکیف يمكنهم أن یسمعوا عقائدهم من غیر الإحساس بالنفور و التصور المسبق لعقائدهم ؟ فهل تصدقون أن البهائي يريد بالأساس أن یستمع لعقائد من یعتقد أنه بهیمة ؟
و ایضا في مقام تحدید الحق من الباطل إذا اراد البهائي مخالفة مذهبه في ترﻚ التعصبات الدینیة في أی حالة من إختیار الحق نستطیع أن نقول أنه شخص غیر متعصب؟ إذا حکَّم العقل کمقیاس لتحدید الحق من الباطل و ترﻚ نوایاه المبطنة نستطیع أن نقول أن هذا الشخص حاول أن یترﻚ نوایاه المبطنة نستطیع أن نقول أن هذا الشخص حاول أن یتر التعصب الدیني لکن مع الأسف أن العقل لا یستطیع تمییز الحق من الباطل من وجهة نظرالبهائیة .لذا لا تتأمل الخیر من مواجهة البهائي الذي یدعي عدم التعصب الدیني و أن تتوهم أنه سیحکم عقله في کلامکم عن الحق .بل مقیاس البهائیة أمر آخر . شيء من قبیل فیض روح القدس . حضرة عبدالبهاء قال علی مائدة الغداء : اعلم أن ما بید الناس و معتقدهم یحتمل أن یصدر منه الخطأ لأن إذا أراد في مقام الأثبات و دحض الأشیاء الاستناد علی الأمور الحسیه یتضح أن مقیاسه غیر متکامل و إذا ما استند علی الدلیل العقلي ذاﻚ إیضا غیر متکامل و کذا إذا أراد الاستناد علی النقل . فمن الواضح أن لا یوجد في ید الخلائق مقیاس یعتمد علیه و فیض روح القدس هو المقیاس الصحیح (المفاوضات ص 219و 220)
لذا من یراقب البهائي في مائدة الحوار و القیاس لا یستطیع أبدا أن یمیز في ما إذا استعمل البهائي التعصب الدیني أم لا . لأن العقل وفق وجهة نظر حضرة بهاء الله لا یستطیع أن یکون مقیاسا في تمییز الحق من الباطل .و الله وحده یعلم أن البهائي تعرض إلی النفحات الالهیة أم الشیطانیة في تلک اللحظة. فمن الواضح إذا کان تحمل سماع عقائد الآخرین و إتباعه إذا کان حق المقصود من ترﻚ التعصبات الدینیة فهذا لا ینطیق علی المعتقد البهائي لأن لا یحق للبهائی أن یستمع الی کلام کل من الشیعة ، الناقضین و المشرکین و المنافقین و الکفار و إذا سمعو الحق منهم أن یقبلوه و ایضا العقل لیس المقیاس لهم لیتض أنهم متعصبیم أم لا .