البهائيّة

214

البهائيّة، فرقة متفرّعة من النحلة البابيّة المولودة من رَحِم الفرقة الشيخيّة التي تعتمد التفسير الفلسفيّ والعرفانيّ الباطنيّ للتشيّع. لذلك فإنّ البهائيّة – على العكس ممّا تقوله المصادر البهائيّة – لا يمكن أن تُعدَّ دينًا مستقلًّا قائمًا بذاته. مؤسّس النِّحلة البهائيّة الميرزاحسينعلي النوريّ المعروف بلقب بهاءالله، ومن هذا اللّقب استُمدَّ اسم البهائيّة. وهو ابن الميرزا عبّاس النوريّ المعروف باسم “ميرزابزرك” [الميرزا الكبير]، الذي كان أحدَ مُستَوفي الضرائب، وكتّاب الدواوين في عصر محمّد شاه القاجاريّ، وموضعَ اهتمام [الصدر الأعظم] قائم مقام الفراهانيّ، وبعد مقتل هذا الأخير، عُزل من منصبَيه وسافر إلى نور (قائم مقام، 1977م/1397هـ، ص19–25؛ نفسه، 1978م/1398هـ، مج1، ص376؛ نبيل الزرنديّ، ص88–89). ولد الميرزاحسينعلي في طهران، في العام 1233هـ/1818م، وكإخوته درس مقدّمات الأدب العربيّ والأدب الفارسيّ على أبيه وغيره من المعلِّمين والمربِّين. حين أدّعى السيّد علي محمّد الشيرازيّ البابيّة، في جُمادى الأولى من العام 1260هـ/حزيران/يونيو 1844م، كان الميرزاحسينعلي في الثامنة والعشرين من عمره مقيمًا في طهران، وقد تأثّر بمواعظ الملّا حسين بشرويه أوّل أتباع الباب، المشهور بلقب “باب الباب”، وصار من أوائل المؤمنين بالباب، وأشدّهم فاعليّة وأكثرهم نشاطًا وجهدًا لنشر البابيّة في نور ومازندران على نحوٍ خاصّ. وسار على نهجه بعضُ أخوته ومنهم الميرزايحيى المعروف بـ “صبح الأزل”، الذي كان يصغر حسينعلي بثلاثة عشر عامًا (نبيل الزرنديّ، ص85، 88، 91؛ حاجي ميرزا جاني الكاشانيّ، مقدّمة براون، ص لج). من أشهر الأعمال التي أقدم الميرزا حسينعلي على تنفيذها في ذلك الحين، كما تقول المصادر البهائيّة (منها← نبيل الزرنديّ، ص259–260)، وَضْعُ خطّة تحرير قرّة العين*– التي سُجنت في قزوين بتهمة المساعدة في اغتيال الملّا محمّد تقي البرغانيّ (البرغانيّ، آل*)، ودورُه الفاعل والمؤثّر في خلال الاجتماع الذي عقده عددٌ من البابيّين في حادثة بدشت*. عُقد هذا الاجتماع بعد اعتقال الباب ونفيِه إلى قلعة جهريق في ماكو، بهدف إخراجه من السجن. حظي الميرزا حسينعلي بمكانةٍ رفيعة لدى المجتمعين، نظرًا إلى قدراته الماليّة، وإتاحته لأنصار الباب إمكانيّةَ الإقامة في بدشت (حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ ص240–241). في هذا الاجتماع نفسه، جرى الكلام على نسخ الشريعة الإسلاميّة، ودخلت قرّةُ العين المجلسَ “من دون حجاب، وبكامل زينتها”، وخاطبت الحاضرين بقولها: إنّ هذا اليوم “هو يوم تحطيم قيود التقاليد الماضية” (نبيل الزرنديّ، ص271–273). وَفْقَ بعض المصادر البهائيّة، إنّ بعضَ المجتمعين “توهّموا أنّ الحريّة المضرّة صارت نهجهم، متجاوزين حدود التقاليد والآداب” (م.ن، ص274–275). فضلًا عن ذلك، اتّخذ كلّ واحدٍ من قادة الحركة لقبًا جديدًا، ذا جانب معنويّ، فتلقّب محمّد علي بارفروشي بالقدّوس، وقرّة العين بالطاهرة، والميرزاحسينعلي ببهاءالله (م.ن، ص269–270). في شعبان من العام 1264هـ/تمّوز – يوليو 1848م، تعرّض البابيّون في قرية نيالا، وهم في طريق العودة من بدشت، لاعتداءٍ قام به عددٌ من القرويّين الذين سمعوا بعضَ أخبار ذلك الاجتماع، ونجا الميرزاحسينعلي من الموت بصعوبة. وَصَفت بعضُ المصادر البهائيّة هذه المواجهةَ بأنّها “غضبٌ إلٰهيّ”، نتيجةَ السلوك غير الأخلاقيّ للبابيّين في بدشت (م.ن، ص275). في الآونة نفسها (سنة 1265هـ/1849م)، حدثت انتفاضة البابيّين في قلعة الشيخ الطَّبَرسيّ في مازندران، وتوجّه الميرزاحسينعلي يصحبه أخوه يحيى وجماعة أخرى للانضمام إلى البابيّين في قلعة الطَبَرسيّ، لكنه اعتُقل في آمل، وأُودِع السجن، ثمّ رُحِّلَ إلى طهران (الحاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، ص242–243؛ نبيل الزرنديّ، ص345–353). بعد وقت وجيز حدثت انتفاضة البابيّين في نيريز، وانتهت بمقتل السيّد يحيى الدارابيّ، الملقّب “وحيد”، في شعبان من العام 1266هـ/تمّوز – يوليو 1850م. جرت هاتان الحركتان وحوادث أخرى متفرّقة، في السنوات الأولى من حكم ناصر الدين شاه القاجاريّ. تدلّ القرائن التاريخيّة، أنّ بعضَ تلك الحركات كان ذا جذورٍ عقائديّة، وجدت البيئةَ الاجتماعيّة والتاريخيّة الملائمة، لا سيّما العقيدة الشيعيّة بظهور الإمام المهديّ؛ يُقال مع ذلك أنّ زعماءهم كانوا يهدفون من ورائها إلى وضع تعاليم الباب وأوامره موضع التنفيذ. فقد أعلن في البيان الفارسيّ خمسةَ أقاليم إيرانيّة مخصّصةً لأتباعه، وحرّم حضورَ الكافرين المنكرين “البيان” فيها. في كلّ الأحوال، اتّخذ الصدرُ الأعظم حينَها، الميرزاتقي خان “أميركبير” قرارًا بقمع هذه الحركات على نحوٍ جذريّ، ولذا جرى بأمرٍ منه إعدام السيّد علي محمّد الباب، في 27 شعبان 1266هـ/8 تمّوز – يوليو 1850م، في تبريز. تقول المصادر البابيّة والبهائيّة، إنّ الباب لمّا سمع ما آلت إليه انتفاضةُ قلعة الشيخ الطَّبَرسيّ، وما أسفر عنها من مقتل معظم أتباعه الأوائل، ومنهم الملّا حسين بشرويه ومحمّد علي بارفروشي، حزِن حزنًا عظيمًا، حتّى أنّه توقّف عن الكتابة – “من شدّة الحزن لمدّة ستّة أشهر”، وبتعبير المصادر البهائيّة توقّف “نزول الوحي”– (نبيل الزرنديّ، ص393، 418–420؛ حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، ص208)؛ لكنّ المصادر البابيّة والبهائيّة غير متّفقة حول خلافته. فحاجي ميرزاجاني الكاشانيّ (ص238، 244)، بعد أن يصف الغمَّ الذي أصابَ الباب لمقتلِ أصحابه، يشيرُ إلى “نوشتجات” [رسائل] الميرزا يحيى [أخي الميرزاحسينعلي] – التي كانت قد وصلت إلى الباب في تلك الأيّام – وكتب أنّ الباب بعد أن قرأ هذه الرسائل شعر بالسرور، وأرسل إلى يحيى الوصيّة “نصّ فيها على الوصيّة والولاية” (للاطّلاع على صورة هذه الوصيّة وشرحها ← الباب، ص ب–پ، 1–10). عدّ الكونت دوغوبينو، الوزيرُ الفرنسيّ المفوّض في إيران، الذي عايش تلك الأحداث، ودوّن تفاصيلها، الميرزا يحيى خليفةَ الباب، وأكّد أنّ الاستخلاف تمّ من دون تمهيد أو مقدّمات، وقد رضي البابيّون به (حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، مقدّمة براون ص لـه). هذا الرأي أكّدته عزّيّة خانم، أخت الميرزاحسينعلي، وهي من البابيّين أيضًا، في كتابها تنبيه النائمين (ص3–4، 28–32). في المقابل يذكر نبيل الزرنديّ (ص419–422) نقلًا عن أحد السُّيّاح، أنّه ذهب بأمرٍ من الباب، لأداء التحيّة والاحترام لقتلى قلعة الطَّبَرسيّ، إلى مازندران، ومنها إلى طهران لدى الميرزاحسينعلي، الذي حمّله في طريق العودة رسالةً باسم أخيه الميرزا يحيى إلى الباب. ولم يتأخّر هذا الأخير في الإجابة، موصيًا الميرزا يحيى أن يكون كالظلّ لأخيه الأكبر، وليس في الجواب “أدنى إشارة إلى المقام المتوهَّم الذي يدّعيه الميرزا يحيى وأتباعه”. عبدالبهاء، ابن الميرزاحسينعلي، في مقالة شخص سياح [سائح] (ص67–68)، يروي على لسان سائح متخيَّل، أنّ اختيار خليفة للباب، كان من تخطيط الميرزاحسينعلي “لتنشغلَ الأفكار بشخص غائب، وينجو بهاءالله من تعرّض الناس له” (حول منشأ الخلاف بين هذه الأخبار، ومعيار وثاقة النصوص ← حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، مقدّمة براون، ص لج – لز؛ محيط الطَّباطبائيّ، الجوهر، السنة 3، العدد 5، ص343–348؛ العدد 6، ص426–431، العدد 9، ص700–706، السنة 4، العدد 2، ص113–120، العدد 3، ص200–208، العدد 4، ص282–291). أعلن محيط الطَّباطبائيّ استنادًا إلى الأخبار التاريخيّة وبعض القرائن الأخرى أنّ موضوعَ “الوصيّة” لم يكن في الأصل مطروحًا لدى الباب، وتولّى قيادة البابيّين من بعده الشيخ عليّ الترشيزيّ المعروف بالعظيم، وهو نفسه الذي استدعى البابيّين إلى طهران لتنفيذ مخطّط قتل ناصر الدين شاه القاجاريّ (←الجوهر، السنة 6، العدد 3، ص178–183، العدد 4، ص271–277). في كلّ الأحوال، استنادًا إلى معظم المصادر، بعد إعدام الباب آمن البابيّون جميعًا بخلافة يحيى – الذي كان الباب يخاطبه بقوله “من يعدلُ اسمُه اسمَ الوحيد”، وبما أنّ يحيى لم يكن في ذلك الحين قد تجاوز التاسعة عشرة، تولّى الميرزاحسينعلي زمامَ الأمور كلّها. دفع الدورُ الفاعل الذي أدّاه الميرزاحسينعلي في عمليّات البابيّين، أميركبير الذي كان مصمّمًا على إخماد ثوراتهم وحركاتهم، أن يطلبَ إليه مغادرة إيران إلى كربلاء، فذهب إليها في شعبان من العام 1267هـ/حزيران – يونيو 1851م (نبيل الزرنديّ، ص580، 584–585)؛ لكنْ بعد بضعة أشهر، بعد عزل أميركبير وقتله، في ربيع الأوّل من العام 1268هـ/ك2 – يناير 1852م، تولّى الميرزا آغاخان النوريّ منصب الصدارة، فعاد الميرزاحسينعلي إلى طهران، بناءً على دعوته، وبتوصيةٍ منه. في شوّال من العام 1268هـ/آب – أغسطس 1852م، أطلق اثنان من البابيّين النارَ على ناصر الدين شاه، ممّا أسفَرَ من جديد عن اعتقال البابيّين وإعدامهم (م.ن، ص590–592). رأت الحكومة المركزيّة أنّ هنالك قرائن وشواهد على دور الميرزاحسينعلي النوريّ في التخطيط لهذا الاغتيال، وقامت باعتقاله (← زعيم الدولة التبريزيّ، ص195). تؤيّد بعض المصادر البابيّة هذه النسبة (← عزيّة خانم النوريّ، ص5–6)، لكنّ المصادر البهائيّة بشكل عامّ تنكرها. هو نفسه أيضًا، في رسالة معروفة باسم لوح الشيخ (ص15–16) يتبرّأ من التدخّل في هذا العمل، وأكثر من ذلك يدّعي، أنّه كان وهو في السجن يفكّر في أحوال الحزب البابيّ وحركاته، وفي كيفيّة إصلاحه وتهذيبه. مع ذلك كلّه، أقام بهاءالله لمدّة في المقرّ الصيفيّ للسفارة الروسيّة في زرغندة شميران. ليتخلّص على الأرجح من الملاحقة والاعتقال، وتاليًا الإعدام، وتقول المصادر البهائيّة، إنّه على الرَّغم من إصرار السفير الروسيّ على الاستمرار في الإقامة في السفارة، ورفضه تسليمه إلى ممثّلي الشاه، طلب إليه في نهاية المطاف، أن يذهبَ إلى منزل الصدر الأعظم، و”في الوقت نفسه طلب إلى المشار إليه [الميرزا آغاخان النوريّ، الصدر الأعظم]، بصراحةٍ وبصورة رسميّة أن يحفظَ الأمانةَ التي وضعتها الحكومةُ الروسيّة في عهدته ويجهد في حراستها” (شوقي أفندي، القرن البديع، مج1، ص318)، “وإنْ لحِقَ أيّ أذًى ببهاءالله، أو وقعت له حادثة” فإنّ الصدر الأعظم سيكون المسؤولَ أمام السفارة الروسيّة (نبيل الزرنديّ، ص593). وصل الاهتمامُ الخاصّ للسفير الروسيّ بمصير الباب والبابيّين، أنّه بعد تسليم الميرزاحسينعلي إلى الصدر الأعظم، استمرّ في متابعة العمل وملاحقة الموضوع وإرسال “رسالة شديدة اللّهجة” إلى السلطات، ممّا مهّد الظروف للإفراج عنه. كان يتوجّب على الميرزاحسينعلي، بأمرٍ من الحكومة الإيرانيّة، أن يغادرَ طهران إلى بغداد. فطلب إليه السفير الروسيّ “أن يذهب إلى روسيا، والحكومة الروسيّة ستُحسن استقباله”، لكنّه رفض ذلك؛ في أثناء رحلة النفي، كان يرافق القافلة ممثّلٌ للسفارة الروسيّة (م.ن، ص611–612، 617–618؛ شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص48؛ أيضًا ← النجفيّ، الكتاب الثاني، ص622–631). اضطرّ البابيون أيضًا أن يغادروا طهران إلى بغداد. تربط المصادر البهائيّة اهتمامَ الحكومة الروسيّة بمصير الميرزاحسنعلي النوريّ، بحبِّ ابنة السفير للمشار إليه (نبيل الزرنديّ، ص594). لكنّ هذا الادعاء لا يتلاءم والمسار التاريخيّ للأحداث لأنّ الميرزاحسينعلي النوريّ كتب بعد وصوله إلى بغداد رسالةً إلى السفير الروسيّ يقدّر له وللحكومة الروسيّة الدعمَ والمساندة. أشار كذلك بعد سنوات في لوح يخاطب فيه نيكولافيتش ألكساندر الثاني، إلى مساعدة السفير الروسيّ هذه، ويشكر للحكومة الروسيّة دعمها (آثار قلم الأعلى، مج1، ص76؛ شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص49). طَرَح وجودُ مثل هذه المواضيع في مكاتيب ورسائل الميرزاحسينعلي وأعقابه موضوعَ علاقة الدول الاستعماريّة بالنِّحلتين البابيّة والبهائيّة، على بساط البحث، قضيّةً من القضايا الجدّيّة، والمثيرة للجدل في تاريخ البهائيّة. فعلى الرَّغم من بعض الردود المتوافرة، ليس هنالك أيّ مستند موثوق يدلّ على أنّ الدول الاستعماريّة هي التي خلقت النِّحلتَين البابيّة والبهائيّة. إنّ أوّل ما يتبادرُ إلى الذهن، في ما يتعلّق بتاريخ تكوّن هاتَين الفرقتَين قبل أيّ شيء آخر، هو أنّ الاختلاف الداخليّ في الفرقة الشيخيّة، والتوتّر العقائديّ، والسياسيّ والتاريخيّ كان الموجدَ والمسبّبَ الأصليّ لنشأتهما؛ لكنْ، ما من شكٍّ على الإطلاق في علاقة الدول الاستعماريّة بمتابعة أحداثهما، وأحيانًا التدخّل العلنيّ في مسار التحوّلات التي طرأت عليهما – من بينها الضغط السياسيّ للحكومة الروسيّة، للمحافظة على حياة الميرزاحسينعلي النوريّ –، هنالك حالات أخرى وردت في المصادر البهائيّة وغير البهائيّة، توضّح مثل هذه العلاقة؛ منها أنّ السير آرنولد باروزكمبال(1) القنصل البريطانيّ العامّ التقى في العام 1278هـ الميرزاحسينعلي في بغداد، ووافق على تقديم الحماية له، ومنحه الجنسيّة البريطانيّة، كما اقترح عليه الهجرة إلى الهند المستعمرة أو أيّ مكان آخر (شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص125–126). مثل هذا الطلب وجّهه إليه القنصل الفرنسيّ، حين كان في أضَنة، واقترح عليه كذلك قبول الجنسيّة الفرنسيّة ليكونَ في مأمنٍ، وفي موضع قوّة (آيتي، 1342هـ، مج1، ص380–381). كما أنّ نامق باشا، والي بغداد، الذي كان يميل إلى استقطاب الإيرانيّين المعارضين للحكم، عامله بمنتهى الاحترام، ولم يُعِرْ اهتمامًا لتحذيرات الحكومة الإيرانيّة (شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص126–127). في أثناء المدّة التي قضاها الميرزاحسينعلي والبابيّين في العراق وإسطنبول، عُيِّنت لهم رواتبُ، وقد أظهر الميرزاحسينعلي في ما بعد ندمَه لتقاضيه راتبًا شهريًّا من الدولة العثمانيّة (نوري، مجموعة الألواح المباركة، ص159؛ حول راتب ميرزا حسينعلي وأخيه في الدولة العثمانيّة ← المامقانيّ، ص383–384). بعد نفي الميرزاحسينعلي إلى بغداد، تحوّلت هذه المدينة ومدينتي كربلاء والنجف إلى مركز ثقلٍ لأنشطة البابيّين، وزادت أعدادهم يومًا بعد يوم. أمّا الميرزايحيى الذي كان جميع البابيّين يُعدّونه خليفةَ الباب من غير منازع، والمتخفّي في نور، فقد استطاع بعد حادثة إطلاق النار على الشاه، أن يفرَّ إلى بغداد متنكّرًا بزِيّ الدراويش مع العصا والكشكول (ميرزاآغاخان الكرمانيّ وروحي، ص301؛ حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، مقدّمة براون، ص لح–لط؛ قارِنْ نبيل الزرنديّ، ص613). وصل إلى بغداد قبل بهاءالله بأربعة أشهر (قارِنْ نوري، لوح الشيخ، ص123)، إنّما بناءً على سلوكه السابق، كان يقضي معظم أوقاته متخفِّيًا، وتولّى الميرزاحسينعلي عمليًّا رئاسة البابيّة. دفع هذا الوضعُ من ناحيةٍ وظهور بعض الادّعاءات في أوساط البابيّين من ناحية أخرى، الميرزاحسينعلي ليطرحَ على مسامع خاصّته أحيانًا بعض الادّعات، وهو يفكّر في الاستيلاء على كرسيّ رئاسة البابيّين، لكنّ بعض قدماء البابيّة أدركوا سلوكه الطامح إلى السلطة، وتمهيده لتنحيةِ أخيه، فأسرّوا هذا الأمر للميرزايحيى، وفي النتيجة، غادر الميرزاحسينعلي بغداد، وعاش بالاسم المستعار “الدرويش محمّد” لمدّة سنتَين، في جبال السليمانيّة في العراق، بين دراويش الطريقتَين النقشبنديّة والقادريّة (الميرزاآغاخان الكرمانيّ وروحي، ص302؛ عزّيّة خانم النوريّ، ص11–12؛ عبدالبهاء، مقالة شخص سائح، ص68–71؛ شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص116–117). في آخر المطاف، كتب إلى أخيه رسالةً (“عريضة”)، يستعطفه فيها – أو بتعبيره هو “صدر عن مصدر الأمر حكم الرجوع” (نوري، الإيقان، ص195) –، وحوالى العام 1274 هـ عاد إلى بغداد (الميرزا آغاخان الكرمانيّ وروحي، ص.ن، م.ن؛ عبدالبهاء، مقالة شخص سائح، ص69؛ عزّيّة خانم النوريّ، ص11–13). بعد عودته إلى بغداد، أظهر الميرزاحسينعلي الطاعةَ لأخيه، ودوّنَ في العام 1278هـ كتابَ الإيقان في إثبات دعاوى الباب، مؤكّدًا انقياده لخليفته (يحيى، الكلمة المستورة) (نوري، الإيقان، م.ن، ص.ن؛ في الطبعات اللّاحقة، غُيِّرت عبارة “الكلمة المستورة” إلى الكلمة العليا”). حدث أمرٌ آخر في أثناء إقامة البابيّين في بغداد (1269–1279هـ/1853–1862م)، وهو ادّعاء عدّة أشخاص منهم أنّه “من يُظهِره الله”. و”من يُظهِرُه الله”، لقبٌ اختاره الباب لـ ”موعود البيان” بعد ادّعائه الشريعة الجديدة، وتأليفه كتاب البيان الفارسيّ، الذي وصف نفسه فيه بأنّه المبشّر بالموعود، وأوصى أتباعه بأنْ يؤمنوا بهذا المظهر الجديد، الذي هو أشرف وأعظم بمراتب من ظهوره هو، وأكّد أنّ “وقت ظهور من يُظهرُه الله لا يعلمه أحدٌ غيرُ الله” (حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، مقدّمة براون ص ل–لح، نقلًا عن أماكن كثيرة من كتاب البيان الفارسيّ)، مع ذلك، يُستخلَص من تعابيره أنّ الزمان التقريبيّ الذي يعْنيه ألفا سنة، لا سيّما وأنّه يُعِدُّ ظهور الموعود بمنزلةِ نسخ البيان، لكنّ عددًا من زعماء البابيّة لم يولوا هذا الموضوع أهمّيّة، وادّعى كلٌّ منهم أنّه “موعود البيان” بذريعة ضعف الميرزا يحيى وقصوره في إدارة الأمور، ودوافع أخرى. لقد وصل الأمر كما يقول الميرزاآغاخان الكرمانيّ والشيخ أحمد روحي (ص303) “أنّ كلَّ شخص يستيقظ صباحًا من نومه، يلبس لَبوس هذه الدعوى”، وذكر شوقي أفندي، ثالث زعماء البهائيّين، أنّ عدد الذين ادّعوا هذا المقام في بغداد وحدها كان خمسة أشخاص (أيضًا ← عزّيّة خانم النوريّ، ص42–43). معظم هؤلاء الأدعياء إمّا أنّهم قُتلوا بتخطيط الميرزاحسينعلي ومساعدة الميرزا يحيى، أو تخلّوا عن دعواهم. أسفر وجود البابيّين في العراق لا سيّما في النجف وكربلاء عن مشاكل أخرى. فقد كان دأبهم هنالك كما تقول بعض المصادر البهائيّة (← شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص106–107)، الإقدام في الليالي المظلمة على سرقة ثياب زوّار الأماكن المقدّسة وأموالهم وأحذيتهم وقلانسهم، ووَفْقَ تعبير الميرزاحسينعلي “التصرّف في أموال الناس عن غير إذنهم، وعدّهم السلبَ والنهب وسفك الدماء من الأعمال الحسنة” (إشراق خاوري، 1948م/1367هـ، مج7، ص130). فضلًا عن ذلك، سادت في أوساط البابيّين أنفسهم أيضًا، أعمالُ الفوضى والقتل، وحكَتْ بعض هذه المصادر عن تدخّل الميرزاحسينعلي في هذه المصائب (عزّيّة خانم النوريّ، ص15–16؛ للاطّلاع على فهرس كتب أتباع الباب التي تحكي عن ممارسات الميرزا حسينعلي في العراق ← عزّيّة خانم النوري، مقدّمة الناشر، ص2–4). ذكر إدوارد براون (حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، المقدّمة، ص ما)، أنّ الشكوى قد ارتفعت من كثرة النزاع والقتال يوميًّا بين البابيّين والمسلمين؛ وكانت الحكومة الإيرانيّة قلقة من أعمال الفوضى التي يقوم بها البابيّون، فطلبت إلى الدولة العثمانيّة أن تُخرجهم من بغداد، فعمدت هذه الأخيرة لوضع حدٍّ للصراعات التي لا تنقطع في العراق العربيّ، إلى ترحيلهم في أوائل العام 1280هـ/1863م من بغداد إلى إسطنبول، وبعد أربعة أشهر هجّرتهم إلى أضَنة. الجدير بالقول إنّ البابيّين في مرحلة إقامتهم في بغداد، وافقوا على أخذ جنسيّة الدولة العثمانيّة، فأصبحوا في حمايتها، ومنَحَهم ذلك إمكانيّةَ الكلام على السلطات الإيرانيّة بحرّيّة ومن دون خوف، ونعتوها بنعوت مختلفة قولًا وكتابةً (محيط الطَّباطبائيّ، السنة 3، العدد 5، ص345). بالتزامن مع خروج البابيّين من بغداد، بدأ الميرزاحسينعلي يعزف نغمةَ كونِه “مَنْ يُظهِرُه الله” أوَّلًا في حديقة نجيب باشا، في ضواحي بغداد، وبعد ذلك في أضَنة، ومن هنا بدأ النزاع والتفرقة (حول دعوته السرّيّة في العام 1275هـ/1859م، قبل تأليف الإيقان ← محيط الطَّباطبائيّ، السنة 5، العددان 11 و12، ص830–831). تَسَمّى البابيّون الذين لم يقبلوا ادّعاءه، وظلّوا مصرّين على خلافة الميرزا يحيى (صبح الأزل)، الأزليّين، وسُمّيَ الموافقون على دعوة الميرزا حسينعلي (بهاءالله) البهائيّين (تنسب بعض المصادر البهائيّة، شروع أمر الميرزا حسينعلي إلى مرحلة سجنه في طهران ← شوقي أفندي، القرن البديع، مج1، ص218). أخذ الميرزاحسينعلي يبعث الرسائل إلى مختلف الجهات، داعيًا البابيّين رسميًّا إلى اعتناق المذهب الجديد، ولم ينقضِ الكثير من الوقت حتّى آمن معظمهم بدعوته، وكان انقراض قدماء البابيّة طيلة هذه المدّة على الأرجح من أهمّ عوامل نجاحه (الحاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، مقدّمة براون، ص ما، مج). في أضَنة أعلن الميرزاحسينعلي دعوتَه رسميًّا، وأرسل في الشهر نفسه رسالةً مفصّلة (لوح السلطان) إلى ناصر الدين شاه. المضمونُ الأساسيّ لهذه الرسالة – فضلًا عن التمنّي على الشاه أن يعيدَ النظر بموقفه من البابيّين، وتحذيره من الركون إلى أخبار رجال الحاشية وغيرهم – تقريرٌ عن وضعه ووضع أتباع الباب طيلة اثنتي عشرة سنة مدّة الإقامة في بغداد، وثلاث سنوات من الإقامة في أضَنة، وأنّه في هذه المدّة “لم يَظهر أبدًا من هؤلاء العباد، ما يخالف الدولة والملّة، وما هو مغاير لمبادئ أهل المملكة وعاداتهم وتقاليدهم” و”ما كان قد ارتكبه بعض الجهّال من قبل لم يكن أمرًا مُرضيًا أبدًا” (للاطّلاع على النصّ الكامل لهذه الرسالة ← عبدالبهاء، مقالة شخص سائح، ص114–165). ربّما كان المقصود من تحرير هذه الرسالة لفت انتباه الشاه تحضيرًا لعودتهم إلى إيران، والإعلان عن تبعيّتهم له (محيط الطَّباطبائيّ، السنة 3، العدد 5، ص347). من الجدير بالتأمّل هنا، أنّ الميرزاحسينعلي لم يورِدْ في رسالته أيَّ إشارةٍ إلى مقامه المزعوم، مؤكّدًا عدم ارتباطه بممثّلي الدول الأجنبيّة. أمّا موضوع ترحيل الميرزاحسينعلي شخصيًّا، وبضعة أشخاص من أقرب المقرّبين إليه، من بغداد إلى مكان بعيد جدًّا، كي لا يتمكّنوا من عبور الحدود الإيرانيّة، أو اعتقالهم وتسليمهم إلى رجال الأمن الإيرانيّين على الحدود، فكان قد ورد في رسالتَين بعثهما وزير الخارجيّة الإيرانيّ في حينه، باسم شاه إيران ناصر الدين شاه، إلى القنصل الإيرانيّ في بغداد، لطرحه على السلطات العثمانيّة، وذكر أنّ العامل الأساسيّ وراء ذلك هو “إفساد السفهاء وإضلالهم… والفتنة والحضّ على القتل”، وأنّ الميرزاحسينعلي هو المرشد والزعيم (للاطّلاع على نصّ الرسالتَين المذكورتَين ← النجفيّ، الكتاب الثاني، ص644–647؛ أورد إدوارد براون الرسالتَين مصوَّرتَين في كتابه <موادّ لدراسة الديانة البابيّة  >(1) ← محمود، مج5، ص1301). ما لا يمكن تجاهله من خلال تمحيص رسالة الميرزاحسينعلي إلى ناصر الدين شاه، وبعض كتاباته الأخرى هو أنّ السنوات الأخيرة من إقامة الميرزاحسينعلي وأتباعه في بغداد، صادفت الإقامة الجبريّة لبعض شخصيّات العصر القاجاريّ، مثل الميرزاملكم خان، وبعد إقفال مقرّ الحركة الماسونيّة في طهران في العام 1275هـ/1859م؛ كما أنّ توقّفهم في إسطنبول وأضَنة تزامنَ مع وجود الميرزافتحعلي آخوندزادة في إسطنبول، واطّلاع الميرزاحسينعلي على أفكار هؤلاء الماسونيّين وكتاباتهم، ممّا ترك أثرًا واضحًا في ما طرأ على أفكاره من تحوّل، وتاليًا تغيير سلوكه تجاه الحكومة الإيرانيّة (محيط الطَّباطبائيّ، السنة 3، العدد 5، ص345–348، العدد 6، ص427). في كلّ الأحوال اشتدّ النزاع في أضَنة بين الأزليّين والبهائيّين، وشاعت عمليّات الإهانة والاتّهام والافتراء والقتل، وكلّ فريق يفضح أسرار الفريق الآخر؛ فالميرزاحسينعلي في كتابٍ له بعنوان البديع، يُنكر وصيّة الباب إلى الميرزا يحيى، ويشير إلى بعض تصرّفاته وأعماله “التي يخجل من ذكرها” (أيضًا ← نوري، الاقتدارات، ص319). في المقابل، عدّد أصحاب الأزل وأتباعه تصرّفاتٍ من هذا القبيل للميرزاحسينعلي، لا سيّما أخته، عزّيّة خانم، التي وضعت كتاب تنبيه النائمين، لإفشاء أسرار أخيها وتصرّفاته (لمزيد من التفصيل ← النجفيّ، الكتاب الأوّل، ص328–353). دعا الميرزاحسينعلي أخاه في إحدى المرّات إلى المباهلة. في خضم هذه الأزمة، أقدم الميرزا يحيى كما تدّعي بعض المصادر البهائيّة (← شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص229) على تسميم أخيه، فأُصيب على إثر ذلك بمرض الرعشة الذي رافقه حتّى آخر حياته. وقد أخبر الميرزاحسينعلي السلطان العثمانيّ في رسالة بعثها إليه بعزم أخيه على الفتنة والخروج” (← موحّد، ص102–110). في نهاية المطاف، قامت الدولة العثمانيّة في العام 1285هـ/1868م، لوضع حدٍّ لهذه النزاعات التي كانت تنجم أحيانًا عن الخلافات الماليّة (← المامقانيّ، ص383–384)، وكذلك لأنّها كانت قلقة من “الاحترام الفائق الذي كان القناصل الأجانب المقيمون في أضَنة يبدونه للوجود المبارك” (شوقي أفندي، القرن البديع، مج2، ص271)، بِنفي الميرزاحسينعلي وأتباعه إلى عكّا في فلسطين، والميرزا يحيى وأتباعه إلى ماغوسه (فاماغوستا(1)) في قبرص (حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، مقدّمة براون، ص مب)، لكنّ العداوة بين المجموعتَين استمرّت، وخلقَ قتلُ أنصار الميرزاحسينعلي لاثنين من أنصار الميرزا يحيى مشاكلَ عديدة للميرزاحسينعلي. (للاطّلاع على القرار الرسميّ للدولة العثمانيّة بترحيل الميرزاحسينعلي إلى عكّا، ومحضر استجواب بضعة أشخاص من المقرّبين منه في المحكمة العثمانيّة، وكذلك اقتراح السفير البريطانيّ القاضي بإرساله إلى عكّا ← موحّد؛ المامقانيّ، م.ن، صص.ن). ظلّ الميرزا حسينعلي لمدّة تسع سنوات خاضعًا للمراقبة في قلعةٍ في عكّا، وقد أمضى أيضًا السنوات الخمسة عشرة الباقية من عمره في هذه المدينة، وتوفّي في الخامسة والسبعين من عمره في مدينة حيفا. قام الميرزاحسينعلي بعد الإعلان عن أنّه “مَنْ يُظهرِه الله”، بإرسال رسائل (ألواح) إلى السلاطين، والقادة الدينيّين والسياسيّين في العالم، طارحًا فيها ادّعاءاته المختلفة؛ كما شرع، لإثبات المقامات التي ادّعاها، وللدّفاع عن نفسه مقابل الأزليّين، بتحرير الكتب، وبـ ”إصدار الأحكام” بناءً على إصرار أتباعه. أعلى مقاماته المدَّعاة: مقام الربوبيّة والألوهيّة. فقد استخدم في الألواح التي أصدرها، وفي المؤلّفات التي كتبها، وفي الأشعار التي نظمها، مراتٍ ومرّات عباراتٍ يصف فيها نفسَه بأنّه: ربُّ الأرباب، وخالقُ الكون، ومَن “لم يلِد ولم يُولد”، الإلٰه الوحيد الذي سُجن، والمعبود الحقيقيّ، وربُّ ما يُرى وما لا يُرى. وقد روّجَ أعقابُه في ما بعدُ دعوتَه هذه، وتاليًا آمن أتباعُه بربوبيّتِه (وصف عبدالبهاء مقامَ أبيه “أحديّة الذات وهُويّة الوجود”)، وصار قبرُه قبلتَهم (اليزدانيّ، ص96؛ إشراق خاوري، 1952م/1371هـ، ص18). يُستخلَصُ من التعابير المختلفة التي استخدمها الميرزاحسينعلي في ادّعائه الألوهيّة، أنّه لمعرفته الضحلة بالآراء والآثار العرفانيّة، يقلّد تقيلدًا ناقصًا وفجًّا بعضَ تعابير العرفاء، وأحيانًا يقدِّم في كتاباته بعضَ التوضيحات للعلماء حول “ذكر الربوبيّة والألوهيّة” (←لوح الشيخ، ص31، 105). فضلًا عن ادّعاء الربوبيّة، ابتدعَ الميرزاحسينعلي شريعةً جديدة، ودوَّن كتاب الأقدس، الذي يعدّه البهائيّون “المُهيمن على جميع الكتب” و”ناسخ جميع المصاحف” و”مرجع جميع الأحكام والأوامر والنواهي” (عبدالبهاء، المكاتيب، مج1، ص343؛ فاضل المازندرانيّ، مج1، ص161). أمّا البابيّون الذين رفضوا دعوته، فكان أحدُ الانتقادات التي وجّهوها إليه، ابتداعَه شريعة خاصّة، لأنّهم يعتقدون أنّ نسخ البيان [كتاب الباب المقدّس]، لا يمكن أن يتمّ في مدّةٍ زمنيّة قصيرة جدًّا (عزّيّة خانم النوريّ، ص46–47)؛ لا سيّما وقد قيل في بعض الكتابات البهائيّة أنّ الفرَق بين البيان والأقدس، كالفرقِ بين “الكعبة وسومنات [المعبد الهندوسيّ]” [جرمادقاني]، 1334هـ/1916م، ص166)، والأحكام في المذهبَين غير متشابهة على الإطلاق؛ في عصر البيان أي قبل دعوة الميرزاحسينعلي ببضع سنوات، كان يتوجّب على البابيّين أن يُقدِموا على “ضرب الأعناق وحرق الكتب والأوراق وهدم البِقاع والقتل العامّ، إلّا مَن آمنَ وصدّقَ”، وفي عصر بهاءالله كان أساسُ الدين الجديد “الرأفة الكبرى والرحمة العُظمى، والإلفة مع جميع الأمم و…” (عبدالبهاء، المكاتيب، مج2، ص266). مع ذلك كلّه، فإنّ الميرزاحسينعلي أنكر في بعض المواضع “نسخ البيان”، منتقدًا بعض معارضيه الذين “نسبوا إليه أنّه نسخ أحكام البيان (النوريّ، الاقتدارات، ص103). أهمُّ براهينِه على حقّانيّة دعواه، مثل السيّد الباب، سرعةُ التحرير وجمال الخطّ، وكما قال شوقي أفندي إنّه “في السنتَين الأُولَيَين من عودته المباركة كان في كلّ يومٍ وليلة ينزل عليه من لسان القِدم آيات وألواح تُعادل القرآن بأكمله”. عددٌ كبير من تلك الكتابات أُتلِف بأمرٍ من الميرزاحسينعلي نفسِه (القرن البديع، مج2، ص145–146). كان الميرزاحسينعلي يدّعي كذلك عدم الدراسة (← عبد البهاء، مقالة شخص سائح، ص116–117). وتبعًا له، كان خلفاؤه وأتباعُه يصرّون على هذا الادّعاء رابطين بينه وبين السرعة في الكتابة (نفسه، المكاتيب، مج3، ص347)، بهدف إثبات حقّانيّة الميرزاحسينعلي؛ لكنّ الصحيح أنّه فضلًا عن نشأته في عائلة من أهل الأدب، هنالك في معظم المصادر البهائيّة، وفي آثار الميرزاحسينعلي نفسِه تصريحات عديدة على متابعة دراسته، وعلى مطالعة الكتب المختلفة في التفسير والحديث والعرفان (على سبيل المثال ← فاضل المازندرانيّ، مج1، ص193؛ النوريّ، مجموعة الألواح المباركة، ص139–142؛ نفسه، الاقتدارات، ص105–284؛ آيتي، 1342هـ، مج1، ص256–257)، وتدلّ الجملةُ التي قالها: “لا أحبّ قول الأذكار السابقة، لأنّ ذكرَ أقوال الغير دليلٌ على العلوم المُكتسَبة، لا على الموهبة الإلٰهيّة” (النوريّ، آثار القلم الأعلى، مج3، ص118)، كما يبدو، على سببِ محو الآثار السابقة – التي تتضمّن إشارات إلى مواضيعَ من كتب مختلفة – وكذلك على رغبتِه في الادّعاء بأنّه أمِّيّ. ألّفَ الميرزا حسينعلي كتبًا عدّة أهمّها: الإيقان في إثبات قائميّة السيّد علي محمّد الباب، كتبَه في السنوات الأخيرة من إقامته في بغداد، في الإجابة عن أسئلة خال السيّد عليمحمّد الباب، واستقطابه إلى الطريقة البابيّة. لقد حاول أن يجعلَ هذا الكتابَ قريبًا من أسلوب البيان إنشائيًّا، وفضلًا عن ذلك، ينفي الشبهات التي طُرحت حوله في أوساط البابيّين، في ما يتعلّق بادّعائه أنّه “مَنْ يُظهره الله”. كان وجود الأخطاء الكثيرة نسبيًّا، الإملائيّة والإنشائيّة والنحويّة وغيرها، والأهمّ من كلّ ذلك، تظاهر الميرزاحسينعلي بالخضوع لأخيه (“الكلمة المستورة”)، سببًا لإخضاع هذا الكتاب باستمرار للتصحيح، والتعديل، حتّى أنّ ترجمته الإنجليزيّة التي قام بها شوقي أفندي حَوَت الكثير من التغييرات مقارنةً بالنصّ الفارسيّ (لمزيد من التفصيل حول مصير الإيقان ← محيط الطَّباطبائيّ، السنة 5، العددان 11 و12، ص822–831، السنة 6، العدد 1، ص15–23)؛ الأقدس، وهو كتاب الأحكام بالنسبة إلى البهائيّين، ألّفه في العام 1290هـ، أو بعده بقليل، حين كان تحت المراقبة في عكّا (حول هذا الكتاب ← نفسه، السنة 4، العدد 10، ص820–824، العددان 11 و12، ص906–910)؛ آثار القلم الأعلى، يشمل عددًا كبيرًا من الألواح الفارسيّة والعربيّة التي أصدرها، وهو في عدّة مجلّدات، كـ الكتاب المبين؛ الإشراقات والاقتدارات، كلّ منهما يشمل عدّة ألواح فارسيّة وعربيّة؛ البديع، موضوعه الدفاع عن نفسه بأنّه “من يُظهِرهُ الله” وردّ البابيّين، لا سيّما أقوال أخيه الميرزايحيى، في الردّ على أحد البابيّين الذي ألّف رسالةً في إبطال ادّعاء الميرزراحسينعلي، والبديع مفعم بهجوِ الميرزايحيى والآخرين وشتمِهم؛ لوح الشيخ، رسالة يخاطب فيها الشيخ محمّد تقي النجفيّ الإصفهانيّ، كتبها في السنوات الأخيرة من عمره، تحدّث فيها عن أهدافه، وأنّ الله بسط عليه جناحَ رحمته، وعن سلوك أخيه الميرزايحيى الخاطئ، وإنكار كونه الوصيّ، كما حاول من خلال إظهار الاحترام لناصر الدين شاه، تكرار أقواله المتعلّقة بالإجراءات التي اتّخذها لتصحيح “الحزب البابيّ”. كما نقل فقراتٍ من الرسائل التي كان قد أرسلها إلى الملوك والحكّام في العالم، وكرّر كذلك تعاليمه، وإصلاحاته. قامت المراكز البهائيّة، المعنيّة بنشر آثار الميرزاحسينعلي أكثرَ من مرّة بإجراء تصحيحات وتغييرات في نسخ كتبه، كما ارتأت الشخصيّاتُ البهائيّة النافذة، التي أمرت بإعادة كتابة تأريخ الباب والبهاء، بما يتناسب وادّعاءات الميرزاحسينعلي (← نفسه، السنة 2، العددان 11 و12، ص952–961، السنة 3، العدد 5، ص343–348؛ العدد 6، ص426–431، العدد 9، ص700–706). عبدالبهاء.عبّاس أفندي (1260–1340هـ/1844–1922م)، الملقّب بعبدالبهاء، الابن الأكبر للميرزاحسينعلي، ويحسبُه البهائيّون خليفتَه. تُذَكِّر أزمةُ خلافة بهاءالله إلى حدٍّ كبير بأزمةِ خلافة السيّد كاظم الرشتيّ والسيّد علي محمّد الباب. أذكى الخلافُ حول الزعامة بين عبّاس أفندي وأخيه محمّد علي نيرانَ الأزمة، ومنشأ هذه النقاشات إصدار الميرزاحسينعلي “لوح العهد” الذي عيّن فيه عبّاس أفندي (أو بحسب تعبيره: الغُصن الأعظم) خيلفتَه، وبعده محمّد علي أفندي (الغُصن الأكبر). في هذا اللّوح يؤكّد على اشتغاله بـ ”إنزال الآيات”، ويدعو في الوقت عينه أتباعَه إلى الابتعاد عن الحقد والتنازع، والكلام غير اللّائق، ويوصيهم أنْ لا يلوّثوا ألسنتَهم بالقول القبيح؛ ثمّ يضيف كأنّه يتذكّر مختلف النزاعات والخلافات بينه وبين أخيه – العبارة القرآنيّة “عفا اللهُ عمّا سَلَف” (النوريّ، مجموعة الألواح المباركة، ص399–403). على الرغم من تغلّب عبّاس أفندي في نهاية المطاف على أخيه، فإنّ جميع المنتسبين إلى بهاءالله باستثناء سبعة، احتجّوا في بداية الأمر على عبّاس أفندي، وأيّدوا محمّد علي. من غير المستبعَد أنّ هذه الرغبة بمحمّد علي، ناجمةٌ عن الدور الذي أدّاه في نشر مؤلّفات أبيه وتوزيعها؛ فقد كان الميرزا حسينعلي قد أرسله في العام 1308هـ/1891م إلى الهند ليقومَ بطبع مؤلّفاته، وكان البهائيّون يجدون أنفسَهم مَدينين له من أجل ذلك (محيط الطَّباطبائيّ، السنة 6، العدد 1، ص22). كان على رأس الرافضين لعبدالبهاء، الميرزاآغاخان الكاشانيّ، أوّلُ المؤمنين ببهاءالله وكاتبُه، الذي أقدم مع عدد من أبناء بهاءالله والمقرّبين منه على كتابة الرسائل والكتب بالفارسيّة والعربيّة، وإرسال البلاغات إلى البهائيّين، مستنكرين خلافة عبدالبهاء، واصفين إيّاه بأنّه خارج “من دين بهاء” (زعيم الدولة التبريزيّ، ص315). احتدم الصراعُ من جديد بين الفريقَين ولم يتوانَ كلُّ واحدٍ من الطرفَين عن استخدام التعابير المهينة بحقّ الآخر في كتاباته، ناسبًا إليه سرقة الألواح والأوراق، وحتّى الأحكام (عبدالبهاء، المكاتيب، مج1، ص442–443؛ شوقي أفندي، التوقيعات المباركة، ص138–139، 146–148؛ إشراق الخاوريّ، 1952م/1371هـ، ص27؛ فيضي، ص54). تحكي المصادر البهائيّة أنّ محمّدعلي وأنصارَه، كانت لهم يدٌ في تضييق الحكومة على عبدالبهاء، وسجنه، وحتّى التآمر لقتله (فيضي، ص97–102). هذا الصراع، أثار كما في الحالات السابقة، تساؤلاتِ العديدين، وبحسب تعبير بعض المصادر البهائيّة (م.ن، ص57)، أضرّ بمكانة البهائيّة وسمعتِها (على سبيل الأنموذج ← حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، مقدّمة براون، ص عو). بعد أن تركَ عبد الحسين آيتي النِّحلة البهائيّة، نقل في كتابه كشف الحِيَل (مج3، ص125–129) خلاصةً من موادّ كتاب إدوارد براون (موادّ لدراسة الديانة البابيّة)، المتعلّقة بالصراع بين الأَخوَين. كان عبدالبهاء في منصبه رئيسًا للبهائيّين، يؤكّد أنّه لا يحمل أيَّ دعوة سوى اتبّاع ما جاء به والده ونشر تعاليمه، وكان، آخذًا في الاعتبار الأوضاع الدينيّة والاجتماعيّة، وساعيًا إلى إرضاء السلطات العثمانيّة، يشارك رسميًّا وبالتزامٍ كامل، في المراسم والشعائر الدينيّة والإسلاميّة، ومن ضمنها صلاة الجمعة، كما أوصى البهائيّين أنْ يمتنعوا في تلك الديار كلّيًّا عن الكلام على الديانة الجديدة (← مهتدي، مج2، ص153؛ محيط الطَّباطبائيّ، السنة 4، العدد 3، ص204). كان كذلك يدعو بالتوفيق للحكومات المختلفة بما يتناسب والظروف السياسيّة القائمة؛ فقد أمر عبدالبهاء عامّة البهائيّين أنْ يسألوا الله باستمرار أنْ يؤيّدَ ويسدّدَ خطى ألكساندر الثالث إمبراطور روسيا، الذي سمح لأتباع البهائيّة أنْ يبنوا معبدًا (مشرق الأذكار) في مدينة عشق آباد (سليماني الأردكانيّ، مج2، ص282). كان دعاء الميرزاحسينعلي يشمل الدولة العثمانيّة أيضًا، التي يدعو لها بعبارة “الدولة العَلِيّة العثمانيّة والخلافة المحمّديّة” (عبدالبهاء، المكاتيب، مج2، ص312). مع ذلك كلّه، وبسبب المدّة الطويلة التي قضاها البابيّون والبهائيّون في الأراضي العثمانيّة، ولبروز الخلافات كذلك والصراع بين عبدالبهاء وأخيه، باتَ عبدالبهاء عرضةً لغضب السلطان عبد الحميد، وتعرّضَ لمشاكل عديدة، وظلّ تحت المراقبة من العام 1319هـ/1901م حتّى العام 1327هـ/1909م، تاريخ خلع السلطان عبد الحميد، وبدء مرحلة جديدة من الحكم العثمانيّ. في أواخر الحرب العالميّة الأولى، وحين كان العثمانيّون يخوضون حربًا في مواجهة الإنجليز، أصدرَ جيمس بلفور، وزير الخارجيّة البريطانيّة في صفر من العام 1336هـ/ تشرين الثاني/نوفمبر 1917م، إعلانَه الشهير بوعد بلفور، القاضي بتشكيل “وطن قوميّ لليهود” في فلسطين، حصلت مسائل، دفعت جمال باشا، القائدَ العامّ للقوّات المسلّحة العثمانيّة إلى اتخاذ قرارٍ حاسمٍ بإعدام عبدالبهاء، وهدم مراكز البهائيّة في عكّا وحيفا. يرى بعضُ المؤرّخين أنّ سبب هذا القرار العلاقات السرّيّة التي كانت تربط عبدالبهاء بالجيش الإنجليزيّ، الذي كان قد تمركز حديثًا في فلسطين. كتبت المصادر البهائيّة أيضًا، أنّه كان قد خزّن كميةً كبيرةً من القمح من أملاكه الخاصّة، قدّمها للجيش البريطانيّ، لكنّ المصادر البهائيّة تنسب عادة، وبشكلٍ عامّ، قرار جمال باشا إلى سعايات الواشين “الناقضين” (مؤيدي محمّد علي أفندي) (فيضي، ص259–262) وتصرّح في الوقت نفسه، أنّ اللورد بلفور، في اليوم نفسه الذي وصله فيه خبر الإعدام، أرسل أمرًا تلغرافيًّا إلى الجنرال اللّنبي(1)، قائدِ القوّات البريطانيّة في فلسطين، يطلب إليه فيه “أنْ يعملَ بكلّ قوّته، من أجل المحافظة على حضرة عبدالبهاء، وصونه وصون عائلته وأصدقائه” (شوقي أفندي، القرن البديع، مج3، ص297). والظاهر أنّ عبدالبهاء شكرًا منه للحكومة البريطانيّة، ما أنِ احتلّ الجيش البريطانيّ حيفا في ذي الحِجّة من العام 1336هـ/ أيلول/سبتمبر من العام 1918م، حتّى أخذ يدعو بطول البقاء لجورج الخامس، ملك بريطانيا العظمى شكرًا له، لأنّه مدّ ظلَّ العدل على جميع أنحاء فلسطين (عبدالبهاء، المكاتيب، مج3، ص347). مُنح عبدالبهاء بعد احتلال الإنجليز لكامل التراب الفلسطينيّ وسامَ الفروسيّة (نايت هود)(1) من الحكومة البريطانيّة، ولقبَ “سِير” أيضًا (شوقي أفندي، القرن البديع، مج3، ص299؛ آيتي، 1342، مج2، ص305). توفّي عبدالبهاء في العام 1340هـ (1921م)، ودُفن في حيفا. شارك في مراسم دفنه ممثّلون عن الحكومة البريطانيّة، وأرسل وينستون تشرشل وزيرُ المستعمرات البريطانيّ برقيّةً يُعرب فيها عن أسفه، ويقدّم العزاءَ للمجتمع البهائيّ (شوقي أفندي، القرن البديع، مج3، ص321–322). من أهمّ أحداث حياة عبدالبهاء، سفرُه إلى أوروبا وأميركا. بعد خلع السلطان عبد الحميد، تخلّص عبدالبهاء من القيود التي كانت مفروضةً عليه، فسافر في العام 1328هـ/1910م، تلبيةً لدعوة البهائيّين في أوروبا وأميركا، من فلسطين إلى مصر، ومنها إلى أوروبا، كما سافر مرّة أخرى إلى أميركا. كانت هذه الرحلةُ مهمّةً بالنسبة إليه، لأنّها شكّلت مفترقَ طُرُقٍ في ماهيّة النِّحلة البهائيّة. فقبْلَ هذه المرحلة ظهرت البهائيّةُ فرقةً منشقّة عن الإسلام، حتّى أنّ قادة البهائيّة، في بعض الأحيان، كانوا يعرّفون عن أنفسهم في البلدان العثمانيّة بأنّهم فرعٌ من المتصوّفة (كان عبدالبهاء في آخر يوم من حياته قد شارك في صلاة الجمعة ← سلمونت، ص75). في تلك المرحلة كان القادة والمبشّرون البهائيّون يبحثون عن الأدلّة التي تثبت أحقيّتهم من داخل القرآن والحديث (على سبيل الأنموذج ← النوريّ، الإيقان؛ الكُلْبايْكانيّ، الفرائد)، ويقدّمونها لمخاطبيهم المسلمين، لا سيّما الشيعة. فَهِمَ أتباعُ البهائيّة الأوائل أيضًا المذهبَ الجديد على هذا النحو، لذلك وُجد تشابهٌ كبير شكليًّا بين نصّ الأحكام لديهم أي الأقدس، وبين النصوص الفقهيّة الإسلاميّة، وهو كما تدّعي المصادر البهائيّة المتأخّرة، قد دُوّن على نحوٍ يتناسبُ و”البيئة العقائديّة الدينيّة في إيران، وخلفيّة العقيدة والسنّة والعرف والعادات لدى الناس” في بداية ظهور هذه الفرقة، و”فقط من وجهة نظر الشيعة والإيرانيّين المعاصرين للظهور” (فريد، ص42). لكنّ الظروفَ التاريخيّة وابتعادَ قادة البهائيّة عن إيران، وفشلَهم في استقطاب مخاطبيهم الأوائل، وكذلك هجرة أعداد من البهائيّين إلى الدول الغربيّة، واطّلاعهم على الأفكار الحديثة في مرحلة إقامتهم في بغداد، وإسطنبول، وعكّا، جعلَ اتّجاهَ هذه الفرقة يتغيّر، وتتغيّر سماتُها وتبتعد عن الشكل المتعارف للأديان لا سيّما الإسلام. يرى بعضُ المحقّقين أنّ من أسباب عدم نشر الكتاب الأقدس في العقود المتأخّرة، وعدم ترجمته باللّغات الأوروبيّة، هو هذا التغيير في النهج. دوّن عبدالبهاء في أثناء رحلته التي استغرقت ثلاث سنوات، ما كان معروفًا لدى البهائيّين بالتعاليم الاثني عشر، والتي تبلغ عمليًّا تسعة عشر (مومن(2)، ص185)، وشروطها، ووفَّقَ بينها وبين ما كان سائدًا في الغرب في القرن التاسع عشر الميلاديّ بعنوان التنوير والحداثة والأنْسَنة. بعبارة أخرى، اتّخذت التعاليمُ البهائيّة بعد رحلة عبدالبهاء إلى الغرب صبغةً أخرى. كان بعضُ هذه التعاليم مخفيًّا في أقوال الميرزاحسينعلي وكتاباته، وبعضُها الآخر جاء نتيجةَ قراءاتِ عبدالبهاء وتجاربه، واطّلاعِه على الفكر الغربيّ، لا سيّما الإلهيّات المسيحيّة الجديدة، وكذلك الأفكار والتطلّعات والآمال المتعلّقة بالرقيّ والتجديد في بلاد الغرب (<موسوعة أوكسفورد للعالم الإسلاميّ الحديث)(3). مادّة “Bahā˒ï”). أحدُ نماذج هذا التجميع والاقتباس، الذي جعل الفرقَ بين التعاليم البهائيّة قبلَ سفر عبدالبهاء إلى الغرب وبعدَه، واضحًا للعيان، هو فكرةُ وحدة اللّسان والخطّ، المنبثقة عن اقتراح اللّغة المبتَكَرة: الإسبرانتو، التي وجدت أنصارًا لها في أوائل القرن العشرين، لكنْ سرعان ما اتّضح أنّها غير عمليّة، وغيّبها النسيان (أشار نوري، في لوح الشيخ، ص101–102، إلى هذا الخطّ). التعاليم الاثنا عشر الأخرى هي: تركُ التقليد (أو تحرّي الحقيقة، كما هو متداوَل في أوساط البهائيّين)، والتوفيقُ بين الدين والعلم والعقل، ووحدةُ أساس الأديان، وبيت العدل، ووحدةُ العالم الإنسانيّ، ونبذُ التعصّب، وتعميمُ الإلفة والمحبّة بين أبناء البشر، وتصحيحُ الأوضاع المعيشيّة العامّة، والمساواةُ بين الرجال والنساء في الحقوق، وإلزاميّةُ التربية والتعليم، والسلامُ العامّ الشامل، وتحريمُ الحروب. كان عبدالبهاء يقول إنّ والده قد ابتكر هذه التعاليم، وكرّر أكثر من مرّة قوله بأنّها لم تكن موجودة قبله (عبدالبهاء، الخطابات، ص191). مع ذلك، نجد التأكيد في تعريف البهائيّة وفي ما أورده الميرزاحسينعلي على أنّه “جدّد تعاليم الأنبياء”، و”الأساس الذي عليه جميع الأنبياء السابقين، ذاك الأساس هو بهاءالله، وذاك الأساس وحدة العالم الإنسانيّ، وذاك الأساس المحبّة العامّة، وذاك الأساس السلام الشامل بين الدول و…” (نفسه، الخطابات، ط. الزرقاني ّوالكرديّ، مج1، ص18–19، مج2، ص286). كتب عبدالبهاء كذلك عدّةَ كتب أهمّها: مقالة شخص سائح، أخبار على لسان سائح خياليّ، حول تاريخ تعاليم الباب وبهاءالله (حول هذا الكتاب وتأثّره بمؤلَّفات أخوند زادة ← محيط الطَّباطبائيّ، السنة 3، العدد 6، ص427، السنة 4، العدد 2، ص115؛ المفاوضات، والمكاتيب، والخطابات، وكلّ واحد منها يتضمّن مواضيع مختلفة وخطب عبدالبهاء ورسائله؛ تذكرة الوفاء، وهي تراجم عدد من قدماء البهائيّة. شوقي أفندي. الملقّب بشوقي الربّانيّ (1314–1377هـ/1896–1957م، الابن الأكبر لابنة عبدالبهاء، عيّنه جدّه خليفة له في وصيّته التي وردت في الرسالة المسمّاة الألواح والوصايا. وكما حدث في المرّات السابقة، أذكت خلافةُ شوقي أفندي من جديد النزاعَ والخلافَ بين البهائيّين، وأسفرت عن انقسامهم من جديد. في الواقع، عدّل عبدالبهاء ما كان والدُه قد أوصى به، ونحّى أخاه، محمّد علي أفندي، الذي كان يجب أن يتزعّمَ البهائيّين من بعده، وأسّس سلسلة ولاية أمر الله، كان أوّلها شوقي، ويجب أن تستمرّ من بعده في أولاده الذكور (عبدالبهاء، الألواح والوصايا، ص11–16). وصل شوقي إلى الرئاسة بمساعدة أمّهِ، لكنّ فريقًا من البهائيّين لم يوافق على ذلك؛ فتخلّى قسمٌ منهم عن البهائيّة كلّيًّا ومنهم: عبد الحسين آيتي، فضل الله صبحي (مهتدي) وحسن نيكو؛ وشكَّكَ آخرون بقيمة الوصيّة. شرعَ شوقي، تقليدًا لما عهدناه لدى أسلافِه، بشتمِ معارضيه، ودوَّنَ هؤلاء ردًّا عليه الكتبَ والرسائلَ، التي تتضمّن أخبارَ أتباعِ النِّحلة البهائيّة، ومشاهداتِهم، مثل: كشف الحِيَل لعبد الحسين آيتي، وخاطرات (مذكّرات) صبحي، وفلسفه نيكو [الفلسفة الطيّبة]. درس شوقي على العكس من جدّه، دراسةً رسميّةً، تابعَها في الجامعة الأميركيّة في بيروت، ثمّ في أوكسفورد، لكنّه لم يتمّها بسبب وفاة عبدالبهاء. كان دورُه الأساسيّ في التاريخ البهائيّ، تطويرَ التنظيم الإداريّ والعالميّ لهذه الفرقة، وكان هذا الإنجاز سريعًا في العَقد السادس من القرن العشرين الميلاديّ في أوروبا وأميركا؛ واستكمل بناء المعابد القارّيّة المسمّاة مشرق الأذكار. تُدار المؤسّسة البهائيّة أو التنظيم البهائيّ الذي سمّاه شوقي أفندي “التنظيم الإداريّ لأمرالله”، بإشرافِ المركزِ الإداريّ والدينيّ للبهائيّين الواقع في مدينة حيفا المسمّى “بيت العدل الإلٰهيّ الأعظم”. في أثناء حياة شوقي، نشأ الكيان الإسرائيليّ في فلسطين المحتلّة. وقد وُوجه هذا التأسيسُ بمعارضة جميع الدّول الإسلاميّة، لا سيّما وأنّ معاملة الصهاينة للمسلمين، ألْهَبَت مشاعر جميع المسلمين والأحرار في العالم وأحاسيسهم؛ لكنّ شوقي، فضلًا عن كتاباته المعبّرة عن موافقته وموافقة البهائيّين وتأييدهم لقيام دولة إسرائيل، التقى بعد قيامها رئيسَ جمهورية إسرائيل، وعبّر له عن أسمى آيات المحبّة من البهائيّين لدولة إسرائيل، وأنّها محطّ آمالهم وابتهالاتهم من أجل رقيّها وسعادتها” (مجلّة أخبار أمري، تموز/يوليو 1954م/ذو القعدة 1373هـ). كما خاطب البهائيّين في رسالةِ التهنئة بعيد النيروز سنة 1950م/1369هـ معلنًا “مصداق الوعد الإلٰهيّ لأبناء الخليل وورثة الكليم، الظاهر والباهر، وقيام دولة إسرائيل في الأرض المقدّسة [الأقدس بتعبيره، اسم كتاب الميرزاحسينعلي الأقدس]. في هذه الرسالة نفسِها إشارةٌ إلى العلاقة الوطيدة بين دولة إسرائيل والمركز الدوليّ للمجتمع البهائيّ (شوقي أفندي، التوقيعات المباركة، ص290). ذُكرَت حالاتٌ عديدة أخرى عن ارتباط الزعماء البهائيّين بالحكومة الإسرائيليّة ومساعيهم لديها للاعتراف رسميًّا بالديانة البهائيّة، في مجلّة البهائيّين أخبار أمري وفي التوقيعات المباركة لشوقي أفندي. كتب شوقي عدّةَ كتب بالفارسيّة والإنجليزيّة؛ القرن البديع أصل هذا الكتاب بالإنجليزيّة(1)، في أربعة مجلّدات ويتضمّن تاريخ الباب والبهاء إلى مئويّة إعلان الباب لدعوته؛ التوقيعات المباركة، مجموعة مخطوطات شوقي في مناسبات مختلفة في ستّة مجلّدات، بالفارسيّة؛ دور بهائى [الدورة البهائيّة]، هذا الكتاب بالإنجليزيّة، يقدّم لمحةً عن تاريخ البهائيّة، والتنبّؤ بمستقبلها بناءً على نظريّة عبدالبهاء؛ ترجمة كتاب التاريخ لنبيل زرندي بالإنجليزيّة(1) (حول هذا الكتاب ← محيط الطباطبائيّ، السنة 3، العدد 9، ص706). بناءً على تصريح عبدالبهاء في الألواح والوصايا يجب أنْ يتولّى زعامةَ البهائيّين من بعده أربعة وعشرون من أبنائه الذكور، جيلًا بعد جيل، يكون لقبُ كلّ منهم “ولي أمر الله”، وعليه أن يُعيّنَ خليفته “كي لا يَحدث خلافٌ بعد صعوده” (← عبدالبهاء، المفاوضات، ص45–46)، لكنّ شوقي أفندي الربّانيّ، أوّلَ أفراد هذه السلسلة، كان عقيمًا، وحصلت بالطبع بعد وفاته في العام 1958م/1377هـ، كما في السابق، مرحلةٌ أخرى من الفِرقة والانقسام والنزاع بين البهائيّين. لكنْ في نهاية المطاف، استطاعت زوجة شوقي أفندي، روحيّة ماكسوِل وعددٌ من مجموعة الـ 27 المختارة من شوقي، والملقّبة بـ ”أيادي أمرالله” أن تستقطبَ أكثريّة البهائيّين، وأن تطردَ المعارضين، وأسّسوا في العام 1963م/1382هـ “بيت العدل”. في أثناء كتابة هذه المقالة [حوالى العام 1397هـ/1977م] لم يكن على قيد الحياة منهم سوى ثلاثة هم: روحيّة ماكسوِل، واثنان آخران، يتولَّون زعامةَ معظم البهائيّين بمساعدة المختارين من بيت العدل المعروفين باسم “المستشارين القارّيّين”. وَفْقَ إحصائيّات البهائيّين، قُدِّر عددهم في العالم سنة 1992م/1412هـ بخمسة ملايين نَسَمة. الشعبةُ الأخرى التي نشأت بموازاة الشعبةِ التي ترأَسُها روحيّة ماكسوِل، هي شعبة “ريمي”. انطلاقًا من نبوءة عبدالبهاء، القائلة إنّ الرئيس الدائم لـ ”بيت العدل” يجب أن يكونَ “وليّ أمر الله”، وإنّ “بيت العدل” من دون وليّ أمر، غيرُ صالح للقيادة، ادّعى تشارلز ميسن ريمي، أنّه خليفةُ شوقي ووليُّ الأمر. وقدّم هو أيضًا أدلّة على خلافته، وأشار إلى مؤامرة قتل شوقي، وإتلاف وصيّته. وجدَ ريمي أنصارًا له في أوساط البهائيّين، وظهرَ فريقٌ جديد باسم “البهائيّون الأرثوذوكس”. هذه المجموعة موزَّعة حاليًّا في أميركا والهند، وأستراليا، وعدّة بلدان أخرى. هنالك عددٌ آخر من البهائيّين اتّبعوا بعد موت شوقي قيادةَ شابٍ من بهائيّي خراسان، يُدعى جمشيد معاني. سمّى هذا الشاب نفسَه “سماءالله”، وأنصارُه موزّعون في أندونيسيا، والهند، والباكستان، وأميركا. معتقدات البهائيّين. كتاباتُ السيّد علي محمّد الباب، والميرزا حسينعلي بهاءالله وعبدالبهاء، وإلى حدٍ ما شوقي أفندي الربّانيّ، مقدّسةٌ لدى البهائيّين، يقرأونها في مجالسهم؛ لكنّ كتبَ الباب ليست بشكلٍ عامّ في متناول البهائيّين، إنّما يحظى كِتابا الميرزا حسينعلي النوريّ: الأقدس والإيقان باهمّيّة خاصّة لديهم. يبدأ التقويمُ الشمسيّ البهائيّ من النيروز [21 آذار/مارس]، والسنةُ تسعة عشر شهرًا، وكلّ شهر تسعة عشر يومًا، والأيّام الأربعة الباقية (في السنوات الكبيسة خمسة أيام)، التي تُسمّى أيّام “الهاء”، جُعلت أيّام شكر وأعياد (← آيتي، 1947م/1366هـ، مج2، ص208؛ إشراق خاوري، 1952م/1371هـ، ص30–34؛ اليزدانيّ، ص97–98). يتوجّب على البهائيّين أنْ يصلّوا صلاةً يوميّة، وأنْ يصوموا تسعة عشر يومًا من طلوع الشمس حتّى الغروب (في الشهرين الأخيرين من السنة)، وزيارةُ واحد من أماكنهم المقدّسة التي تشمل منزل السيّد علي محمّد الباب في شيراز، ومنزل الميرزا حسينعلي النوريّ في بغداد. كما يتوجّب عليهم حضورُ “الضيافات” التي تُقام كلّ تسعة عشر يومًا. في الشريعة البهائيّة، يُمنع تعاطي المشروبات الكحوليّة والموادّ المضرّة بالسلامة، كما عُدّت موافقةُ والدَي العروسَين ضروريّةً لإتمام الزواج. المصدر الأصليّ للأحكام لدى البهائيّين الكتابُ الأقدس. لهذا الكتاب تتمةٌ أيضًا معروفة برسالة السؤال والجواب. عُدّت النِّحلة البهائيّة منذ بداية ظهورها، بالنسبة إلى المسلمين انحرافًا عقائديًّا وسُمّيت “الفرقة الضّالّة”. رُفض ادّعاءُ السيّد علي محمّد الباب بأنّه القائم، استنادًا إلى الأحاديث القطْعيّةِ الصدور. لقد بيّنت الأحاديثُ الإسلاميّة سماتِ “المهديّ”، على نحوٍ يقطع الطريقَ على أيّ نوع من الادّعاءات. جاءت معارضةُ العلماء للسيّد علي محمّد الباب بسببِ هذا الادعاء، وادعاء البابيّة كذلك (← الباب*، السيّد علي محمّد الشيرازيّ). ومشكلةُ البهائيّة من هذه الناحية مضاعفة، فالميرزا حسينعلي فضلًا عن إيمانه بقائميّة السيّد علي محمّد الباب، وأنّه جاء بدين جديد، سمّى نفسه “مَن يُظهِرُه الله”، مدّعيًا تقديم شريعة مستقلّة. فجميع المسلمين يؤمنون بخاتميّة* نبيّ الإسلام صلّى الله عليه وآله وسلّم، أمرًا محسومًا، وأيّ دعوًى مناقضة لهذا الإيمان، أو أيّ فرقة لا تؤمن بهذا المبدأ، هي في نظر المسلمين فرقةٌ ضالّة، ولا يمكن أن تُعِدَّ نفسَها بأيّ وجهٍ من الوجوه منبثقةً عن الإسلام. فضلًا عن ذلك، لم يكن من الممكن لقادة البهائيّة إثباتُ دعوى رسالتهم نظرًا إلى أنّ مخاطبيهم الأصليّين مسلمون والشيعة بشكلٍ خاصّ، وقد فشل الوعّاظ والمبشّرون البهائيّون في إثبات دعواهم على الرغم من الجهود الفائقة لجعلها استدلاليّة، واعتمدوا أساليبَ خاصّةً لتأييد صحّة الدين الجديد. أهمّ براهينِهم كثرةُ الآيات والكتابات التي ابتدعها الميرزا حسينعلي، ويرون انتشارَ النِّحلة دليلًا عمليًّا. في الكتب المعنيّة باستدلالات البهائيّين انتُقد هذان الاستدلالان ورُفضا. لقد ضيَّقَ تاريخُ القادةِ البهائيّين المفعمُ بالأحداث، وعدمُ صحّة تنبّؤاتهم، والصراعاتُ البعيدة من الأدب في ما بينهم من ناحية، وحمايةُ الدول الاستعماريّة في مواقف مختلفة لزعمائهم، وعلاقتهم الحميمة بإسرائيل من ناحية أخرى، المجالَ أمامَ البهائيّين للنشاط في الدول الإسلاميّة، وبالأخصّ إيران، وعلى الرَّغم من الجهود الواسعة للتنظيم البهائيّ، لإثبات الحضور الرسميّ لقادته في هذه البلدان، باءت مساعيهم وأمانيهم بالفشل؛ لقد ألَّفَ كُتّابٌ عديدون الكتبَ في نقد هذه النِّحلة؛ وفَضحت المطبوعاتُ الفارسيّة والعربيّة أهدافَهم السياسيّة، وأعلنَ علماءُ الحوازات العلميّة الشيعيّة، وجامعة الأزهر، ومفتو البلاد الإسلاميّة خروجَ هذه الفرقة عن شورى الأمّة الإسلاميّة، واتّخذت المنظّمات الإسلاميّة الدوليّة هذا الموقفَ نفسَه تجاه النِّحلة البهائيّة (على سبيل الأنموذج ← القرار الصادر عن مجلس شورى مجتمع الفقه الإسلاميّ من 6 إلى 11 شباط/فبراير 1988م/17–22 جُمادى الآخرة 1408هـ، في منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، مجمع الفقه الإسلاميّ، ص84–85، الذي عدّ “ادعاء بهاءالله أنّه صاحب رسالة، ونزول الوحي عليه”، وغير ذلك من المعتقدات البهائيّة مصداقًا لـ ”إنكار ضرورات الدين”). كان أيضًا تراجعُ بعض الشخصيّات والمبشّرين البهائيّين عن هذه النِّحلة، وفضحُ القضايا الداخليّة فيها، من العوامل المهمّة لابتعاد المسلمين عنها. المصادر والمراجع: عبد الحسين آيتي، كتاب كشف الحِيَل، طهران 1326ش [1947م]؛ نفسه، الكواكب الدّرّية في مآثر البهائيّة، مصر، 1342هـ؛ جان بنزر سلمونت، بهاءالله وعصر جديد، الترجمة الفارسيّة، حَيفا 1932م؛ عبد الحميد إشراق خاوري، رسالۀ گنجينۀ حدود وأحكام [رسالة مخزن الحدود والأحكام]، طهران 1331ش [1952م]؛ نفسه، مائدۀ آسمانى [المائدة السماويّة]، مج7، طهران 1327ش [1948م]؛ علي محمّد بن محمّد رضا الباب، قسمتى از الواح خط نقطۀ اولى [قسم من الألواح بخطّ النقطة الأولى (الباب)]، [لامكا، لاتا.]؛ حاجي ميرزاجاني الكاشانيّ، كتاب نقطة الكاف، ط. إدوارد براون، ليدن 1328هـ/1910م؛ محمّد مهدي زعيم الدولة التبريزيّ، مفتاح باب الأبواب، أو، تاريخ الباب وبهاء، ترجمهُ بالفارسيّة حسن فريد الكُلْبايْكانيّ، طهران 1346ش [1967م]؛ منظّمة المؤتمر الإسلاميّ، مجمع الفقه الإسلاميّ، مصوبه ها وتوصيه ها: از دومين تا پايان نهمين نشست [القرارات والتوصيات؛ من المؤتمر الأوّل حتّى نهاية التاسع]، ترجمه بالفارسيّة محمّد مقدّس، قمّ 1418هـ؛ عزيز الله سليماني الأردكانيّ، كتاب مصابيح الهداية، مج2، طهران 1326ش [1947م]؛ شوقي أفندي، التوقيعات المباركة، طهران 1347ش [1968م]؛ نفسه، كتاب القرن البديع، ترجمه عن الإنجليزية بالفارسيّة نصر الله مودّت [لامكا، لاتا.]؛ عبّاس بن حسينعلي عبدالبهاء، الألواح والوصايا، مصر [لاتا.]؛ نفسه، خطابات حضرة عبدالبهاء في أوروبا وأميركا، ط. محمّد الزرقانيّ وفرج الله الكرديّ، مصر 1340هـ/1921م؛ نفسه، خطابات مباركۀ حضرت عبدالبهاء در اروبا وامريكا [خطب عبدالبهاء المباركة في أوروبا وأميركا][لامكا. لاتا.]؛ نفسه، مقالۀ شخص سيّاح كه در تفصيل قضيۀ باب نوشته است [مقالة شخص سائح كتبها في وصف تفاصيل قضيّة الباب]، طهران 1341ش [1962م]؛ نفسه، مكاتيب عبدالبهاء، مج1، مصر 1328هـ، مج2–3، ط. فرج الله الكرديّ، مصر 1330–1340هـ؛ نفسه، النور الأبهى في مفاوضات عبدالبهاء، ليدن 1908م؛ عزّيّة خانم النوريّ، تنبيه النائمين، [لامكا، لاتا.]؛ فاضل المازندرانيّ، اسرار الآثار خصوصى [أسرار الآثار الخاصّة]، طهران 1346ش [1967]؛ بديع الله فريد، مقاله اى در معرفى كتاب اقدس [مقالة في تعريف الكتاب الأقدس]، طهران 1352ش [1973م]؛ محمّد علي الفيضيّ، حيات حضرت عبدالبهاء وحوادث دورۀ ميثاق [حياة حضرة عبدالبهاء وحوادث عصر الميثاق]، طهران 1350ش [1971م]؛ أبو القاسم بن عيسى قائم مقام، منشآت قائم مقام، ط. محمّد عبّاسي، ط. أوفست طهران [تاريخ المقدّمة 1356ش [1977م]]؛ نفسه، نامه هاى پراكندۀ قائم مقام فراهانى [الرسائل المتفرّقة لقائم مقام الفراهانيّ]، ط. جهانغير قائم مقامي، ج1، طهران 1357ش [1978م]؛ أبو الفضل بن محمّد الكُلْبايْكانيّ، الفرائد، القاهرة 1315هـ؛ نفسه، كشف الغطاء عن حيل الأعداء، عشق آباد 1334هـ؛ أسد الله المامقانيّ، “الخلاف بين بهاءالله وصبح الأزل”، راهنماى كتاب [دليل الكتب]، السنة 6، العددان 4 و5 (تير ومرداد 1342ش [تموز وآب/يوليو وأغسطس 1963م]؛ محمود محمود، تاريخ روابط سياسى ايران وانگليس در قرن نوزدهم ميلادى [تاريخ العلاقات السياسيّة الإيرانيّة – الإنجليزيّة في القرن التاسع عشر الميلاديّ]، مج5، طهران 1331ش [1952م]؛ محمّد محيط الطَّباطَبائيّ، “من التحقيق والتتبّع حتّى التصديق والتبليغ فِرق متعدّدة”، مجلّة كوهر [الجوهر]، السنة 4، العدد 2، (ارديبهشت 1355ش [أيار/مايو 1976م]، العدد 3 (خرداد 1355ش [حزيران/يونيو 1976م]؛ نفسه “التاريخ القديم والجديد” مجلّة كوهر، السنة 3، العدد 5 (مرداد 1354ش [آب/أغسطس 1975م])، العدد 6 (شهريور 1354ش [1975م]؛ نفسه “تاريخ الظهور للزرنديّ” مجلّة كوهر، السنة 3، العدد 9 (آذار 1354ش [ك1/ديسمبر 1975م])؛ نفسه “بضع نقاط حول مقالة واحدة: عظيم بعد الباب وقبل الأزل”، مجلّة كوهر، السنة 6، العدد 3 (خردار 1357ش [حزيران/يونيو 1978م]، العدد 4 (تير 1357ش [تموز/يوليو 1978م]؛ نفسه، “[حول [الكتاب الأقدس]]”، مجلّة كوهر، السنة 4، العدد 10 (دى 1355ش [ك2/يناير 1976م]، العددان 11 و12 (بهمن واسفند 1355ش [شباط وآذار/فبراير ومارس 1976م])؛ نفسه، “الرسالة الخالديّة أو الإيقان”، مجلّة كوهر، السنة 5، العددان 11 و12 (بهمن واسنفد 1356ش [شباط وآذار/فبراير ومارس 1977م])، السنة 6، العدد 1 (فروردين 1357ش [نيسان/أبريل 1978م])؛ نفسه، “كتاب مجهول باسم جديد”، مجلّة كوهر، السنة 2، العددان 11 و12 (بهمن واسفند 1353ش [شباط وآذار–فبراير ومارس 1974م]؛ نفسه “حوار حديث حول التاريخَين القديم والجديد”، كوهر، السنة 4، العدد 4 (تير 1355ش [تموز/يوليو 1976]؛ محمّد علي موحّد، “وثيقة من المحفوظات الرسميّة في إسطنبول”، راهنماى كتاب [دليل الكتب]، السنة 6، العددان 1 و2 [فروردين وارديبهشت 1342ش [نيسان وأيار/أبريل ومايو 1963م]؛ فضل الله مهتدي، اسناد ومدارك صبحى دربارۀ بهائيگرى، ج2، خاطرات صبحى [المستندات والوثائق العائدة لصبحي حول اعتناق البهائيّة، مج2، مذكّرات صبحي]، طهران 1357ش [1978م]؛ عبد الحسين ميرزا آغاخان الكرمانيّ وأحمد روحي، هشت بهشت [الجنّات الثمان]، طهران [لا تا.]؛ محمّد نبيل الزرنديّ، مطالع الأنوار: تلخيص تاريخ نبيل الزرنديّ، طهران 1356ش [1977م]؛ محمّد باقر النجفيّ، بهائيان [البهائيّون]، طهران 1357ش [1978م]؛ حسينعلي بن ميرزابزرك النوريّ (بهاءالله)، آثار قلم أعلى، طهران 1342–1343ش [1963–1964م]؛ نفسه، الاقتدارات، بخطّ مشكين قلم، [لامكا، لاتا.]؛ نفسه، كتاب مستطاب إيقان، مصر 1352هـ/1933م؛ نفسه، لوح مبارك خطاب به شيخ محمد تقى مجتهد اصفهانى معروف به نجفى [اللّوح المبارك، المخاطب به الشيخ محمّد تقي المجتهد الإصفهانيّ المعروف بالنجفيّ] [لوح الشيخ]، طهران 1341ش [1962م]؛ نفسه، مجموعة الألواح المباركة، القاهرة، 1338هـ/1920م؛ حسن نيكو، فلسفة نيكو، طهران [تاريخ المقدّمة 1343ش [1964م]؛ أحمد يزداني، كتاب نظر اجمالى در ديانت بهائى [نظرة إجماليّة في الديانة البهائيّة]، طهران 1350ش [1971م]؛ Wendi Momen, A basic Baha˒i dictionary, Oxford 1991; The Oxford encyclopedia of the modern Islamic world, ed. John L. Esposito, New York 1995, s.v. “Bahā˒i (by B. Todd Lawson). /محمودصدري/

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق

9 + fourteen =